كوليسترول الكرة المصرية

لم أتعود على الكتابة فى الشأن الرياضى و خاصة كرة القدم و لكنى كمواطن مصري شعرت بمسئولية كبيرة بصفتى أحد الناس المهتمين بالكتابة فى الشأن العام و طبعا بحكم أن كرة القدم أصبحت أحد أهم عناصر هذا الشأن قررت أن أكون لسان حال المواطنين الذين  يفرحون بفوز منتخب بلادهم و يتألمون كثيرا فى حالة الهزيمة , و لكن لابد أن نعترف أن الهزيمة و مع قسوتها الا انها أحيانا تكون بطعم الانتصار بمعنى أن مباريات الفريق قد تنتهى و نتيجتها الهزيمة لكن لا ينهزم اللاعبون معنويا و ذلك عندما يلعبون كالمحاربين و حتى الدقيقة الأخيرة و لنا فى منتخب المغرب الشقيق مثالا .

و لكن بعد هذا الاخفاق فى كأس العالم هل لنا أن نقف وقفة صادقة مع النفس و نحاول أن نضع ايدينا على مواطن الضعف فى محاولة لتلافي ما حدث فى الاستحقاقات الرياضية الكبيرة القادمة .

أولا أحب أن أتكلم عن التركيبة الثقافية للاعب كرة القدم المصرى و هى بلا شك لا تخرج عن اطار ثقافتنا المصرية و التى تأثرت كثيرا بالأمثال الشعبية الآتية

 (امشي جنب الحيط )و المثل  الآخر( إن فاتك الميرى اتمرغ فى ترابه) و هنا سيسأل أحدهم ما علاقة هذه الأمثال بالكرة , أقول له أن هناك علاقة مباشرة و هى ثقافة عدم المخاطرة بمعنى أن اللاعب المصري فى داخله ماشى جنب الحيط و كل ما يهمه هو الا تدخل الكرة مرماه بصرف النظر عن شكل الأداء فمثلا سنجد أن محاولات الهجوم شحيحة جدا لكن النسبة الأعظم من تمريرات اللاعبين عبارة عن تشتيت للكرة دون تسليمها لأى زميل بدقة و لذلك نحن نفقد الكرة دائما و الأمر الذى زاد الطينة بلة أن اتحاد الكرة تعاقد مع مدرب يجيد ترسيخ هذه الثقافة الانهزامية و التى تكره فكرة الهجوم و المخاطرة – مع انه فى عالم الأعمال المخاطرة هى من تأتى بالمكاسب المالية و كذلك فى الرياضة - و يقول المثل (الهجوم خير وسيلة للدفاع)  و بدلا من تعيين مدرب ذو شخصية واثقة مهاجمة تنقل هذه الثقافة للاعبينا وجدناهم يدعمون هيكتور كوبر المحظوظ جدا فى رأيي لأنه وصل بطريقته لنهائى أفريقيا و كأس العالم مع أن هذه الطريقة لا تؤدى الى أى بطولة لكن مرة ثانية أؤكد أن الحظ خدمه و وصولنا لكأس العالم لا يعكس قوة هجومنا بقدر أنه يعكس أسباب أخرى منها دعوات الأمهات و الناس الطيبة و وجود لاعب مثل محمد صلاح و الذى لا شك أنه صنع الفارق فى أصعب المواقف .

و على الجانب الآخر استمعت منذ أيام قليلة الى المدرب الكبير حلمي طولان على أحد القنوات الفضائية و هو رجل أحترمه كثيرا , يتحدث عن الفساد و المحسوبية  فى المنظومة الرياضية و خاصة كرة القدم و تكلم الرجل بصراحة لدرجة أن المذيع شعر بحرج و حاول تغيير الموضوع أكثر من مرة . ما ذكره الكابتن طولان ليس بغريب و لكن هزيمة المنتخب القاسية ستخرج الكثير من الحقائق المدفونة الى النور و لعلنا نتعلم منها .

أما عن الموضوع الذى شغل الرأى العام كثيرا و هو سفر الفنانين و المشاهير على حساب الشركة الراعية و التى  يتكون رأس مالها من أموال دافعى الضرائب فأنا طبعا أري أن هذا القرار جانبه الصواب حيث أن المشاهير لا يحتاجون دعوات لطيران و اقامة مجانية مع التأكيد على حقهم كمواطنين فى السفر لتشجيع المنتخب كأي مصرى لكن ما نأخذه على الشركة أنها أنفقت أموالا على شريحة لا تحتاج دعم مالى و كان من الأولى ان كان لابد من اصدار دعوات مجانية أن توجه كحافز الى المتفوقين من الشباب أو الفائزين بجوائز البحث العلمى أو حتى اجراء قرعة لمواطنين عاديين .

و عليه و حتى نستفاد من التجربة و ان كانت مريرة فلابد من تقييم الوضع الكروى بشكل محترف و بدون مجاملات و فتح تحقيق فى موضوع فساد المنظومة الرياضية و المحسوبية التى بداخلها و البدء فورا  من الآن فى الاستعدادات للبطولات القادمة سواء الأمم الأفريقية أو كأس العالم القادم و التخطيط الجيد للمرحلة القادمة و أن يكون القائمين على الكرة المصرية قادرين على تغيير ثقافة المشى جنب الحيط  و الاهم هو تسليك شرايين المنظومة الكروية من الكوليسترول الذى تسبب فى تصلبها  .

التعليقات