عودة التفرقة العنصرية

ماذا كانت ستفعل «روزا باركس»، الناشطة فى حركة الحقوق المدنية منذ خمسينيات القرن الماضى، والتى رفضت التخلى عن مقعدها فى باص عمومى لشخص أبيض، وتم اعتقالها، وبعد ذلك أطلقت حركة مقاطعة الباصات بقيادة «مارتن لوثر»، بمونتجمرى عاصمة ولاية ألاباما، عندما تعلم أن فى قارة أخرى تبعد عن موطنها آلاف الأميال، وفى بلد يطلق عليه «بلد الحضارات الشامخة»، وفى 2018، علقت يافطات اتحاد شاغلى بعض القرى فى الساحل الشمالى، وهى عبارة عن إرشادات عامة لنزول البحر من ضمنها: «يحظر السباحة فى البحر على العاملين والسائقين والمستخدمين والمربيات».

وماذا عن «نيلسون مانديلا»، هل ينام مطمئنا فى قبره عندما يعلم أن سياسة (الأبارتيد)- الفصل أو التفرقة العنصرية- التى ناضل ضدها وسُجن سنوات طويلة، حتى تم سحقها ومحوها فى جنوب أفريقيا، ولم يعد هناك أى أثر للوحة مكتوب عليها: «لاستخدام البيض فقط»، مازال يطبقها الأشخاص وأصحاب الثروات وليس الدولة فى مصر؟ وماذا عن كل رموز الحركة الوطنية الذين كافحوا من أجل الحرية ومقاومة الاستعباد، وماذا عن دستور مصر الذى كفل فى المادة (45) حق كل مواطن فى التمتع بالبحار وشواطئها، لم يقصرها على فئة أو طبقة دون أخرى، وأكد فى مادته (53) أن «المواطنين لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى، أو الجغرافى، أو لأى سبب آخر».

نفهم من ذلك أنه لابد من الالتزام بجميع القواعد العامة المتعارف عليها، من مواعيد نزول البحر، أو الامتناع عن النزول عند رفع الراية السوداء، والالتزام بارتداء لباس البحر، والمحافظة على نظافة الشاطئ، وعدم تلويث البحر، وغيرها من القواعد التى تنأى عن التمييز والتفرقة.

لبرهة من الزمن ظل المشهد يسبح فى عينى، انسلّ خلسة سائق أو مستخدم، ونزل البحر، بينما رب عمله مستلق فوق مقعد طويل تحت الشمسية، أو مدفون فى الرمل بينما تتساقط عليه رقائق أشعة الشمس الذهبية، ماذا سيحدث، وكيف يتم طرده من البحر بعد أن تهيأ له أن الحياة بدت أكثر فتنة وحنوا عليه عن ذى قبل؟ علينا أن نتخيل أنفسنا فى وضع هذا الآخر، فالحياة هى ما نراه فى عيون ووجوه الناس، وسأترك لكم تكملة المشهد!.

** عن المصري اليوم

التعليقات