الحجاب.. مشروع الاخوان لتمهيد الأرض للحكم (1)


منذ بضعة سنوات شاهدت خطاب للرئيس عبد الناصر يقول فيه ، أنه في عام ٥٣ قابل مرشد الإخوان الذي كان وقتها القاضي حسن الهضيبي لكي يحاول أن يصل الي صيغة تفاهمية مع الجماعة و  كان أول شرط وضعه المرشد للتعاون مع مجلس قيادة الثورة هو تحجيب نساء مصر أو فرض ارتداء حجاب الرأس علي المسلمات فرد عبد الناصر رافضا و قال له "انت لديك ابنه في كلية الطب غير محجبة و تريدني أن افرض الحجاب علي الشعب". ثم حدث ما حدث من الاخوان حيث حاولوا أكثر من مرة استخدام القوة المسلحة لفرض إرادتهم على المصريين حتي تم فضح مخططهم الذي رسمه  لهم الإرهابي الأكبر سيد قطب و تم القبض علي تنظيمهم السري في القضية المعروفة إعلامياً بـتنظيم ٦٥، وحكم بالإعدام في هذه القضية علي قطب و بعض من رفاقه و قد نُفذ الحكم في  أغسطس من عام ١٩٦٦.

جمال عبد الناصر يتحدث عن حواره مع الاخوان عن الحجاب

اما الفيديو الثاني الذي شاهدته كان يتحدث فيه القيادي الإخواني عصام العريان حيث كان يسرد فيه كيف كان مخططهم لتحجيب الطالبات في الجامعات المصرية. و قال نصا انه عند دخوله كلية الطب في أول سبعينيات القرن الماضي لم يكن هناك الا طالبة وحيدة محجبة و قد فكر الإخوان في كيفية تحويل الجامعة الي مجتمع إسلامي تحت سيطرتهم فقرروا أن يقوموا بإحياء فكرة الحجاب مرة أخري فبدأوا بشراء أتواب من الأقمشة و تفصيلها علي هيئة لباس إسلامي للطالبات في الجامعة و طبعا تضمن اللباس غطاء للراس و خمار و تم بيعه للطالبات باسعار زهيدة جدا أو بسعر التكلفة و عندما انتشرت التجربة بدأت الجماعة في شراء الأقمشة بالجملة من المنطقة الحرة ببورسعيد بكميات كبيرة حتي ان العريان علق انه بعد خمس سنوات أصبحت نصف طالبات الجامعة محجبات.

عصام العريان يتحدث عن دور الإخوان فى نشر الحجاب


ما ذكره العريان كان علي مسمع و تحت بصر الدولة حينها حيث من المعروف أنه منذ تولى السادات الحكم و التيار الراديكالي الديني يسعي في الارض فسادا فكان هاجس السادات الوحيد هو الناصريين و الاشتراكيين و ليس الإسلاميين فقد فتح لهم كل شئ و مكنهم من العودة مرة أخرى و قد كان لما ذكرته تأثير بالغ الخطورة على تحويل المجتمع من مجتمع منفتح ثقافيا و اجتماعيا الي مجتمع متأثر بثقافة الصحراء و الغلظة و التشدد و هذا كان جليا في تغيير شكل المجتمع في نهاية السبعينات  ، و عندما فاق السادات من سباته في أواخر أيامه و  اعترف بخطيئته كانت حياته هي الثمن الذي دفعه نتيجة هذا الخطأ الفادح، المثل يقول لا تربى ابدا الضباع في حديقتك الخلفية فماذا اذا برجل ربى الضباع في حديقته الأمامية و هذا ما حدث فلقد التهمت الضباع السادات الذي رباها و رعاها في يوم الانتصار و في وسط جيشه فى حادثة تعد من أشهر حوادث الاغتيالات في العالم  . أما مبارك فقد اكمل مشروع السادات ببراعة  لكنه كان يربي الإخوان في الشارع و يستخدم معهم مبدأ العصا و الجزرة و الغريب أن مبارك كان يعتقد أنه متحكم في الاخوان يستخدمهم كفزاعة أمام الغرب ليبقى في الحكم و الحقيقة هم من بقوا في الحكم ثلاثين عاما و ليس هو فقد تمكن الاخوان من المجتمع تماما في عهد مبارك و ان لم يتمكنوا سياسيا فقد تمكنوا ثقافيا و اجتماعيا و اقتصاديا و استطاعوا تنفيذ خطتهم المحكمة و هي السيطرة علي الوطن من القاعدة مع اطلاق رؤوس حربة اعلامية علي الطبقة المثقفة و المتعلمة للتأثير على وعيهم الجمعي فرأينا الداعية الذى تسبب في تغيير شكل المجتمع المصرى تماما بنجاحه في إقناع الملايين من نساء مصر ان الحجاب هو فريضة و هو الأمر الذي عليه جدل كبير و اختلف عليه الفقهاء و انا هنا لا اتكلم عن الحجاب من الزاوية الفقهية أو الشرعية فهذا الجدل مازال مفتوحا مع قناعتي الراسخة أن الحجاب ليس فرضا و لكن ما أردت توضيحه في هذا المقال أن الإخوان استخدموا موضوع الحجاب كأداة لتمهيد الأرض و المجتمع ليصبح شكله علي ما هو عليه الآن ليكون المجتمع جاهز لحكمهم و قد نجحوا في الوصول الي الحكم لولا غبائهم الذي جلب عليهم اللعنة من الجميع و تم طردهم من الحكم بشكل مهين. 

سنكمل في الجزء الثاني من هذا المقال قصة الجدل المثار حول الحجاب و كيف أن المصريين المسلمين حتي منتصف سبعينيات القرن الماضي كانوا يلفظونه بل أن المؤسسات الدينية الإسلامية  كانت لا تعترف بالحجاب و هناك صور لعائلات رجال الدين من علماء المسلمين و الأزهر تبرز الزوجات و البنات دون حجاب فهل اكتشف المسلمون أن الحجاب فريضة في السبعينات اي  بعد ١٤٠٠ سنة من ظهور الإسلام أم أن الحجاب ما هو الا مشروع سياسي للإخوان للوصول إلى الحكم. 

التعليقات