شائعات الرحيل الكاذبة!

مع الأسف كانت وتظل كلمة الحقيقة فى هذا الزمن هى المستحيل الرابع بعد (الغول والعنقاء والخل الوفى).

وهكذا مثلا تتعدد أخبار رحيل الفنانين على (السوشيال ميديا)، والغريب أن الزملاء الصحفيين فى عدد من المواقع الإخبارية مصريا وعربيا، باتوا يسارعون بالنشر، ولا يعنيهم ما الذى من الممكن أن يُحدثه الخبر فى دائرة العائلة أو الأصدقاء أو الجمهور، المشاعر صارت غليظة، لا يعنى ذلك بالمناسبة أن الجيل الماضى لم يكن يتورط فى نشر أخبار كاذبة، لم يكونوا أبدا ملائكة، إلا أن تلك الممارسات كانت تُشكل هامش الصورة، الآن صار هذا الهامش يشغل تقريبا كل الصورة، وهكذا وللمرة العشرين أطلقوا تلك الشائعة السخيفة على الفنانة الكبيرة رجاء الجداوى، وقبلها بأيام توجهوا بتلك السهام المسمومة لـ(جارة القمر) فيروز.

من أشهر المواقف ما حدث قبل نحو 21 عاما عندما أذاع التليفزيون المصرى خبر رحيل الفنان الكبير فريد شوقى، وفى ذلك الزمن قبل الانتشار الفضائى، فإن هذا يعنى أن الكل فى نفس اللحظة قد تلقى الخبر، كان فريد قد انتقل للمستشفى، حيث كان يعانى من ضعف فى عضلة القلب، واعتقد التليفزيون المصرى الرسمى وقتها، لسبب أو لآخر، أن فريد لاقى وجه ربه، لم تمض سوى ساعتين وعلى أكثر تقدير إلا وكانت كاميرات التليفزيون، وبناء على تعليمات من وزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف، تنتقل إلى المستشفى، وبث مباشر على الهواء ليستمع ويرى الناس نجمهم المحبوب فريد شوقى يُطل عليهم ضاحكا مبتسما ساخرا وهو يقول إنها مجرد بروفة، وشكر الناس على مشاعرهم الرقيقة، وحبهم له.

وبالفعل لم تمض سوى 40 يوما ليذيع التليفزيون مجددا خبر رحيل فريد شوقى والناس وقتها تمنت والملايين أن تصبح إشاعة ويخرج فريد ليؤكد أن البروفة لاتزال ممتدة، كان العقاب قاسيا، حيث تم وقتها إبعاد رئيسة التليفزيون عن موقعها، لو تم عقاب المخالفين فى هذا الزمن فسنكتشف أن عشرات قد غادروا مواقعهم.

تؤدى مثل هذه الشائعات إلى الكثير من الإحباط، خاصة عندما تمتزج بإحساس الترصد، حيث يعتقد بعضهم أن هناك من يقصد ذيوع الخبر بسبب الغيرة المهنية أو الكراهية الشخصية.

أنا على المستوى الشخصى كثيرا ما أتلقى مكالمات من بعض الزملاء فى مصر والعالم العربى، وهم يقولون لى سمعت شائعة موت فلان أقول لهم هل تأكدتم؟ تأتى الإجابة نريد أن نتأكد منك، ويصبح الأمر فى غاية الحساسية، هل أتصل مثلاً ببيت الفنان فإذا رد على أحد أفرد أسرته أسألهم عن صحة الفنان؟، وفى حالة سماعى لصوت الفنان هل أقول له أخبار صحتك إيه؟، بينما هو فى هذه الحالة قد تلقى عشرات من المكالمات المماثلة تسأله عن صحته وهو يؤكد أنها (بومب)، الفنان سوف ينتابه الشك بأن هناك أمراً جللاً قد حدث له، وربما يعتقد أنه انتقل فعلا للرفيق الأعلى و(البومب) فرقع، وهو آخر من يعلم!!.

ومن أطرف المواجهات للخبر ما فعله عادل إمام، حيث أطلق سخرية لاذعة، خاصة أنه قبل تلك الشائعة بأسابيع قليلة كان قد واجه واحدة مماثلة، وهكذا قبل نحو خمس سنوات، سخر وحرص على أن يلتمس الأعذار لمن لم يستطع المجىء إليه فى لحظة وداعه، مؤكداً أنه تسامح معهم لأن هناك من انشغل فى الاستوديو للتصوير لملاحقة العرض الرمضانى، وهو لا يستطيع أن يلوم أحداً، فهو أيضاً لم يعز نفسه بنفسه حيث إنه لايزال يصور مسلسله.

أما أكثر الشائعات جنوحا فلقد كانت عكسية تماما، وذلك قبل أكثر من ربع قرن انطلقت واحدة تؤكد أن الفنان صلاح قابيل عاد للحياة وخرج من مقبرته مرتديا البيجامة الزرقاء المخططة، سر الشائعة هو أن إحدى المجلات نشرت بعد رحيل صلاح حوارا مختلقا معه وكانت على الغلاف صورته وهو مرتديا البيجامة الزرقاء المخططة!!.

(المصري اليوم)

 

التعليقات