ما ذنب العيال؟!

لا أدرى أين أساتذة الاجتماع وعلماء النفس من حوادث قتل العائلات؟.. لم أصادف برنامجا تخصص فى مناقشة قضايا الذبح الجماعى فى الشروق وبنها والدقهلية وغيرها.. فهل أصبح الملف الاجتماعى درجة ثانية فى الإعلام بعد الملف السياسى؟.. هل كانت فرصة لكى ينتفض المجتمع لعلاج تشوهات قوانين الأسرة؟.. وما «ذنب العيال» مثلاً فى أى خلافات زوجية؟!.

بعد 25 يناير قلت نحن فى حاجة إلى «ثورة اجتماعية» لعلاج تشوهات «قوانين الهوانم».. زوج يتشاجر مع زوجته يقتلها ويذبح الأولاد.. زوجة تكره زوجها تدس له السم ولأولاده وتتخلص من الجميع لتبدأ من الصفر على نظافة.. واحدة أخرى تقتل أسرتها بمساعدة عشيقها وتهرب.. واحدة ثالثة تنفصل عن زوجها وتكوش على الأولاد وتتزوج سراً بورقة عرفى!.

رجل يشك فى سلوك زوجته فيقتل العيال.. ورجل أعمال يخسر فى البورصة يقتل العيال.. ورجل يريد أن يدخل الجنة يقتل العيال، أو يلقى بهم فى النهر أو البحر.. مهم أن تتغير ثقافة هؤلاء البشر.. الأولاد ليسوا ملكاً للأب أو الأم أبداً.. لا هذا يحتكرهم ولا هذه تحتكرهم أو تحرقهم بالنار، أو تغلق عليهم بالأبواب الحديد والمتاريس.. أين المجلس القومى للطفل؟!.

وأحياناً أشعر بأن بلادنا ليس فيها قانون.. فكل يعمل ما يحلو له.. الأب والأم على السواء.. إذا تمكن الأب حرم الأم من أطفالها، وإذا تمكنت الأم حرمت الأب من أطفاله.. والمحكمة تعتبرها حاضنة والأب مجرد بنك لدفع الأموال والنفقة الشهرية ومصاريف المدارس.. مطلوب فوراً قانون يحمى حقوق الجميع.. فالأب ليس حراً فى عياله أبداً.. والأم «ليست حرة» بأى حال!.

فالأب قد لا يتمكن من «رؤية» أولاده، فيذبح الزوجة والأطفال.. وملايين الآباء لا يعرفون أين أراضى أبنائهم.. قضايا الرؤية تملأ المحاكم.. وتمر السنوات ولا يتمكن من رؤيتهم.. فماذا يفعل؟.. لا أبحث عن عذر للقتل.. ولا أبحث عن عذر للعنف.. لكن عندى رسائل بلا حصر.. آباء وجدات وأجداد.. أيضاً هناك شكاوى نسائية من هروب الأب وعدم سداد النفقة!.

فلماذا انشغلنا بالسياسة عن بناء إنسان طبيعى، غير ممزق نفسياً؟.. أليس هذا الجيل هو مستقبل الوطن؟.. كيف يبنى الوطن «جيلا مهزوما»؟.. كيف يمكن أن نترك القضية الأساسية تحت أى زعم، أو تحت أى ضغط شعبى؟.. نريد علاقة متوازنة تحفظ حق الأسرة، بما فيها الأم والأب والأولاد.. كل مشاكل البيوت تبدأ من هذه النقطة.. وتبدأ من غياب الوعى والثقافة!.

الظروف الاقتصادية ليست «أم المشاكل».. فلا ترجعوا القتل لأسباب اقتصادية فقط.. إنها مشكلة ثقافة وعدالة.. فلا تتحدثوا عن ضعف الدخول.. كانت البيوت تأكل فى طبق واحد، وبينها رحمة ورأفة.. فلم نسمع عن الذبح العائلى، إلا بعد اختلال التوازن الأسرى للأسف!.

 

التعليقات