مصر فى «اليونيفورم»!

عودة المدارس لها سحر خاص.. وسيبقى المشهد الأكثر لفتاً للانتباه هو مشهد التلاميذ بـ«اليونيفورم» الجديد.. وقد تراه مشهداً جميلاً.. وقد لا تراه جميلاً.. وقد تكون محايداً.. ولكن البستان يحتاج إلى تنوع الزهور.. فأين أنت من هؤلاء؟.. ما رأيك تجاه الأزياء الموحدة والنغمات والسياسات الموحدة؟.. هل تحب فكرة التنوع والاختلاف، أم تحب «اليونيفورم»؟!.

وى تقديرى أن «الأزياء الموحدة» لا تخدم فكرة الجمال.. والسياسات الموحدة لا تخدم فكرة الديمقراطية.. والصحافة الموحدة لا تخدم أى نظام.. الإعلام الموحد يتسبب فى «حالة توحُّد».. اليونيفورم لا يمكن تطبيقه على جميع المدارس.. مهم أن تكون هناك مدارس لها يونيفورم مختلف، كنوع من التميز أو الجمال.. وهكذا تكون السياسة والأحزاب والإعلام أيضاً!.

ولا أنسى مثلاً «زمن المريلة».. فقد كانت تفصيلتها غريبة الشكل.. وكانت الشنطة من نوع قماش المريلة.. وكانت تشبه الكيس فقط، ليس فيها أى جمال.. وحين تخلع المريلة تشعر بالحرية.. ولابد أن كثيرين كانوا يتمنون أن تنقضى فترة «الابتدائية» ليتخلصوا من «المريلة» والشنطة التى تشبهها.. حتى يلبسوا القميص والبنطلون، ويحملوا شنطة جلد «سكاى»!.

وحين نطبق فكرة «اليونيفورم» مثلاً على السياسة والاقتصاد والإعلام، نظلم السياسة والاقتصاد والإعلام، ونظلم الوطن فى مساره نحو المستقبل.. فلا يمكن أن يكون هناك لون واحد فى السياسة، بحيث تكون مصر كلها «حزب وطنى» أو «اتحاد اشتراكى» أو «دعم مصر».. ولا يمكن أن يكون عندنا إعلام يعزف نغمة واحدة.. إنها «نغمة» سوف «تضر» بصحة الوطن!.

«سياسياً».. لا يمكن أن تتحدث كل الأحزاب بلسان السلطة، أى سلطة كانت.. ولا يمكن أن تكون هناك حياة حزبية وسياسية على هذا النحو من «التوحد».. فالاتحاد الاشتراكى تجربة غير ناجحة فى تاريخ الحياة السياسية المصرية.. والحزب الوطنى أيضاً تجربة أثبتت فشلها فى غياب قوى حزبية نشطة ومؤثرة.. وكل ذلك انتهى بانهيار نظام الحكم فى 25 يناير!.

و«إعلامياً».. الصوت الواحد لا يخدم النظام ولا الوطن أبداً.. ثبت فشله.. للأسف نعود إليه بطريقة مريبة.. «نستنسخ» إعلاماً انتهى عصره.. وما يحدث فى سوق الإعلام محاولة للبحث عن «يونيفورم» فى الحقيقة.. وفى الظاهر هناك قنوات وحركة تنقلات تحركها يد واحدة.. مع اختلاف الزى الذى ترتديه كل قناة.. المنهج واحد.. والبوكليت واحد.. والتابلت واحد!

فكرة «اليونيفورم» ربما تصلح فى مدرسة، لكنها لا تصلح فى كل المدارس.. ولا تصلح فى السياسة ولا الأحزاب ولا الإعلام بأنواعه.. والحدائق لا تبدو جميلة بنوع واحد من الزهور.. والديمقراطية لا تتحقق بصوت واحد.. والإعلام لا ينجح إلا بالاختلاف والحرية، وليس «اليونيفورم»!.

(عن المصرى اليوم )

التعليقات