" المبيع ...!

هل يخضع كل ما في حياتنا لقيم "التسليع "، و الكسب ، أيا كان ،أو أيا كانت طبيعته ؟ أو أنه قد تم اتخاذ قرار ، أو أن هناك قرارا " مضمرا" ، بالفعل، وفي صمت ، بألا شئ فوق " المبيع"؟
انتشرت الصور عن معبد " الكرنك" ، الذي تحول الي " دار مناسبات" ، أو "قاعة أفراح " ، لا تختلف في النهاية عن تلك القاعات المتناثرة علي كورنيش الاسكندرية ، او تلك الواقعة في اعالي بنايات الفنادق ..صحيح ، انه بعدها بوقت ، قرأنا أن قرارا أعلن ، و تعليمات صدرت ، بعدم التكرار لمثل هذه الواقعة ، الذي اقل ما توصف به ، هو " "البذاءة "، إذا ما اتفقنا علي أن الفعل "البذئ " ، و القول البذئ ، لايقتصران في تعريفهما، علي الحيز الضيق لفكرة الأخلاق. لكن الأمر " أجل" ، من أن يمر دون توقف . من هو المسئول الذي إئتمنه الناس علي ذخيرتهم المعنوية ، و منها أو علي رأسها آثار مصر ، فأباح لواحد من أصحاب "التسعة اصفار "، ان يحيي ، ليلة من الليالي الملاح في بهو اعرق معابد مصر ؟ بأي موطئ وقف " الدي جي" ، الذي صدح ، و اهتزت معه اجساد المدعويين ؟ و كيف تلقت أحجار المكان المقدس روائح الأكل ، وأين تخلص المعازيم مما هضموه ؟ ليلة الكرنك ، حتي وأن قيل إنه تم التراجع عن إعادتها، أغرقت المصريين في قلق و مرار مبعثهما، شعور عميق بأن تغليب " المادي" علي " المعنوي" ، لم يعد بمقدور أحد إيقافه ، فصرنا نتعامل مع أي قيمة ، بأسلوب القبائل الرحل في الصحراء ، العابرين الذين لا تربطهم أي وشائج ولا جذور بالمكان ، و لا يكون لهم مأرب الا تحقيق أقصي استفادة .. صار المعيار ، كم تساوي " القيمة" وأي قدر من الاموال سوف تجلبه و لا يهم بعد ذلك اي شئ .ذالدول تستمد الطاقة و الدافع من ذخيرتها المعنوية ، و تجليات" ذخيرة مصر "المعنوية ، درات التاج المصري ، تكاد تفقد كل جلالها ، بتسليعها و تقييمها " بالفلوس، و ليس ما جري في "الكرنك "، مع كل محاولات تمريره ، هو المؤشر الوحيد ، فالطريقة التي عوملت بها عمارات ٢٦ يوليو ، و التي تم دكها في ساعات و جهاز التنسيق الحضاري ، وافف بلا حول ولاقوة ، و السجال الذي لا بتوقف حول القاهرة القديمة ، كل ذلك ،دلالته في منتهي الخطورة ، أن كل شئ قابل " للمبيع " ، و كل شئ يتم تقييمه بالفلوس . وزيرة ثقافة فرنسا ، أخرجت من الوزارة تحت وطأة غضب الفرنسيين ، لأنها قبل تولي الوزارة، كانت تملك iواحدة من كبريات عدور النشر في العاصمة الفرنسي ، و فرع ادار اكت سود) ، مقرها في الحي العتيق (السان جيرمان )او الحي السادس ، بدون تصريح ، قامت بتعديل معماري ، داخلي محدود، اضافت من خلاله مساحة لا تتجاوز اعشرين مترا ( استراحة وقهوة للعاملين ) .. مجرد مبني عمره لا يتجاوز ثلاثمائة عام مست جدرانه الداخلية ، أقيلت بسببه الوزيرة وشيهعا الناس بلعنات و تظاهرات رفعت شعار " هذا إرثي" أو " patrimoine"..و لا أدري ، ماذا سيكون الموقف لو مسئولا في تلك البلاد ، طلعت في دماغة تأجير برج إيفل ، لفرح واحد من اصحاب التسع أصفار ،أو كنيسة نوتردام لعبد ميلاد حفيد مليونير .. هل سمعتم عن فرح في أكرةببوليس اليونان أو برج بيزا ، أو أو . الدول تقوم علي "المخزون المعنوي " ، الذي لا يقيم بأي فلوس و لا تقدره أي قيمة مادية . الشعوب تستشهد لأجل هذا المخزون المعنوي .. فإن تم تسليع كل شئ، واهدرت فكرة القيمة ، فلما نغضب حين يبيع أحدهم " ذمته " ، او يتغاضي واحد عن " شرفه "؟ القيمة .. الشرف .. الذخيرة المعنوية ، بتعدد صورها لو دخلت المزاد ، قل علي اي شئ أخر السلام !

 

التعليقات