حتى لا تتكرر القصة المؤسفة..!

** أحذر المسئولين والمهتمين بالرياضة وبكرة القدم فى مصر وفى تونس، وكذلك أحذر وأنبه الاتحاد الإفريقى للعبة مما يجرى الآن من تحريض تمارسه وسائل إعلام ومواقع التواصل الاجتماعى.. أحذر من تكرار قصة مباراة مصر والجزائر حين أفسدت شياطين اللعبة، وأدعياء الانتماء والوطنية العلاقة الرياضية والاجتماعية بين الشباب هنا وهناك..
** الإعلام يجب أن يكون عاقلا فى تناوله للمباريات ذات الطبيعة الخاصة والتى تسمى بالدربيات، وحين يكتب مقدم برامج على صفحته الرسمية مهددا ومتوعدا بما يمكن أن يحدث فى مباراة قادمة فإن عليه أن يتحمل شخصيا مسئولية هذا التحريض.. فالممارس لمهنة الإعلام عليه أن يقتل عواطفه ورأيه الشخصى كمشجع، لكن من أسف الصمت لأكثر من نصف قرن على هذا الخلط الساذج بين التعصب المرضى الأحمق وبين الوطنية والانتماء أفرز لنا مثل ذلك التحريض ومثل تلك الآراء التى يختلط فيها قلب المشجع ومشاعره بعقل المحلل وواجبه..!
** الانتماء قيمة بناءة، والانتماء الجميل قوة، والانتماء الأعمى يعد تعصبا، وكرة القدم تفجرالانتماء للفرق وتظهره، لكنها تكشف أيضا عن مرض يصيب ملايين المشجعين يسميه الإيطاليون والإسبان
«أل تيفو».. ويمكن تشخيص هذا المرض فى أن المشجع يرى أن ناديه هو الوطن، وأن ألوان فريقه هى ألوان علم الوطن، ويرى المشجع ناديه دولة ومؤسسة وكيانا مستقلا، وكل مباراة يخوضها فريقه ماهى إلا معركة، يرى فيها المنافس عدوا، وهذا النوع من الانتماء الأحمق يجعل المشجع يرى فريقه منتصرا ولو كان مهزوما، ويراه مظلوما ولو كان ظالما.. وهذا مرض وليس انتماء وليس رياضة بكل ما فى الرياضة من قيم.. فالعالم الأول الذى يمارس الانتماء فى الرياضة نراه يتصارع صراعا نظيفا داخل الملعب ثم نراه يتصافح ويصفح!
** لقد كانت مباراة ليفربول وأرسنال مثل ألف مباراة أخرى فى كرة القدم الحقيقية.. كانت عبارة عن صراع نظيف داخل الملعب.. فاللعب لا يتوقف بسبب الفاولات غير المبررة التى تختلط فيها القوة المشروعة بالعنف غير المشروع. واللاعبون لا يتوقفون عن الجرى، وممارسة المحاولات الهجومية بحثا عن الفوز، وهو أصل اللعبة، بينما فى عالمنا يبدو أحيانا أنه ليس من حق منافسنا أن يلعب للفوز، وهو أمر عجيب تعانى منه معظم الملاعب العربية!
** إن شعوب العالم الأول تمارس الانتماء وتعبر هذه الشعوب عن الانتماء فى شتى مجالات الحياة. والتعبير يكون بالعمل، واحترام القانون، واحترام النظام.. وأحيانا تفلت الأمور من جانب بعض المشجعين فيحاسبهم القانون فورا ويكون الحساب رادعا.. أما التعصب والتحريض ونشر الكراهية، والخلاف، والتهديد عبر وسائل إعلام تخاطب حشود تقدر بملايين الجماهير وتفسير ذلك على أنه انتماء لفريق فهو بالضبط تجسيد لهذا الخلط الساذج بين التعصب المرضى الأحمق وبين الانتماء للوطن..!
** أحذر مرة أخرى من كرة النار التى يلعب بها البعض.. فمن الناحية الفنية للمباراة ومستوى أداء الفريقين فقد أنصفت الترجى وأنصفت مستواه، وقلت إنه فرض أسلوبه على المباراة، وسلب من الأهلى سلاحه الهجومى الجماعى.. وأحذر من الدخول فى معايرات التحكيم وأخطاء الحكام كما يحدث الآن وليس من حق أحد لا سيما من هؤلاء الذين يعملون فى مجال الإعلام ممارسة التحريض والتهديد، فهذا سلوك يحمل فى طياته جرما مهنيا وأخلاقيا وسياسيا..!
** لا تلعبوا بكرة النار.. ولا تلعبوا بكرة الثلج لأن الأولى تحرق، والثانية تكبر وتدمر.. أحذر حتى لا تتكرر القصة المؤسفة!

 

التعليقات