الانقسام المتوقع

بهدوء تام وبطعم الهزيمة انسحب مشروع القانون الذى كان مقدراً عرضه ومناقشته وإقراره أو رفضه فى مجلس النواب، تراجعت النائبة السيدة غادة عجمى عن تقديم مشروع قانون بحظر ارتداء النقاب فى الأماكن العامة والإدارات الحكومية والذى كانت قد دافعت عنه دفاعاً مستميتاً مستندة إلى خطورة إخفاء هوية المواطن، إلا أنها قالت إنها فوجئت فور إعلانها عن مشروع القانون بحدوث (انقسام) فى المجتمع ما بين المؤيدين والمعارضين وتسبب فى حالة غضب لم تكن تتمناها، وانسحبت ومعها مشروع القانون، وعُدنا القهقرى، إلى نقطة الصفر من جديد التى نتدحرج إليها دائما ونبقى فيها فى سُبات بينما العالم يتغير ويتبدل من حولنا.

لم يصل أمر حظر ارتداء النقاب فى الأماكن العامة هذه المرة إلى طرح الفكرة للنقاش العام، ليس دينياً فقط بل أمنياً واجتماعياً. توارى الشارع المصرى وتوارت آراء الناس ولم يقُم الإعلام بواجبه تجاه تلك القضية ولم يسهم فى طرحها بلا تشنج أو تحيز على المواطنين والمواطنات. بعضهم يرحب بوجوده والبعض الآخر يرفض هذا الوجود، ولكل من الطرفين مبررات للقبول أو الرفض، صمت الإعلام عن أداء دوره فى مناقشة واحدة من أهم القضايا فى الشارع المصرى التى هى قضية جماهيرية بامتياز، توارى رأى الجهات الأمنية التى كان يمكن أن تطرح رؤيتها وتجاربها فى الشارع المصرى والجرائم التى تواجهها من رجال ونساء تحت النقاب، جرائم الإرهاب، واختطاف الأطفال، والسرقة، والتحرش وغيرها، حتى الإحالة إلى الأزهر لم تتم ربما لمعرفة الكثيرين برأى الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر فى مسألة النقاب التى لا يراها فضيلته فرضاً دينياً واجباً، لم نسمع رأى ممثلى حزب النور السلفى فى مجلس النواب وإن كنّا قد فهمناه ضمناً، ولم يصل الأمر إلى حد عرض أحد السادة أو السيدات النواب لحكم محكمة القضاء الإدارى بتأييد قرار الشجاع الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة السابق بحظر ارتداء النقاب أثناء المحاضرات، تجارب تونس والجزائر وكثير من الدول الأوروبية ومبرراتهم الوجيهة لم يعرضها أحد، حتى النقاش أصبح ممنوعاً، أُغلق الباب فى قضية أمنية خطيرة، وأصبح هذا (الانقسام المتوقع) فى المجتمع هو هذا الهاجس الذى يخيف الجميع. ويدحرجنا من جديد إلى نقطة الصفر. كالعادة.

التعليقات