طيران منخفض!

تساءلت منذ يومين عن الفرق بين مهام نائب الوزير والمعاون.. لم يكن سؤالاً استفهامياً، لكن الدكتور نادر نور الدين تطوع بالإجابة.. وكشف الفرق بين الاثنين.. لكنه قال: ليس مطلوباً منك أن تطير أو تبدع.. وهو يحكى عن تجربة شخصية.. فقد تولى ذات يوم هذه المهمة.. لكنه ظل يستغرب من نصيحة أحد وكلاء الوزارة الذى نصحه أن «يطير بشكل منخفض»!

وليس الدكتور نادر وحده الذى استغرب من هذا المعنى.. فقد طالما استغربت من ترديده فى مناسبات كثيرة تتعلق بالعمل العام، أو حتى العمل الإعلامى.. مهمتنا أن نحلق وأن نبدع وأن نطير فى السماء.. لا نرضخ لمخاوف من هنا أو هناك.. مادمنا نتحرك على أرضية وطنية، ونراعى المصلحة العليا للوطن.. الأصل أن نقدم أقصى ما عندنا بلا خوف وبلا قلق!

وإليكم ما دونه الدكتور نادر عن مهمة النائب والمعاون فى الوزارة.. يقول: «أسجل إعجابى بمقالكم عن الفرق بين نواب الوزراء ومعاونيهم، شوف يا سيدى، أول فرق أن نواب الوزراء يعينهم رئيس الوزراء وأصبحوا الآن يقسمون اليمين القانونية أمام الرئيس، ولا يمكن للوزير «رفدهم» أو نقلهم لأنهم أدوا اليمين القانونية أمام الرئيس، مثل الوزير تماماً!

والآن أصبحت لهم لائحة تحدد مهام عملهم بعيداً عن الوزير.. أما معاونو الوزير فيختارهم الوزير ويفعل بهم ما يشاء من نقل ورفد واستغناء وغيره.. وأنا أعتقد أن نظام نواب الوزراء خاطئ، ويجعل للوزارة عدة وزراء بدلاً من وزير واحد.. كما أنه يغل يد الوزير فى تحديد مهام النائب وتكليفاته بأعمال محددة، رغم أن الوزير وحده هو الذى يساءل أمام البرلمان!

وأرى أن من حق الوزير اختيار نوابه ومعاونيه.. ولكن فى النهاية سواء كانوا نواباً أو معاونين فسوف يقوم الوزير بتحجيمهم والتحذير منهم، ومنعهم من وسائل الإعلام، بحجة أنه مش عايز تنطيط ومنظرة، فالوزير- أى وزير- على قناعة تامة بأنه طالما ليس له بديل فهو مستمر فى الوزارة، وبالتالى فهو يخنق ويحجم أى نائب أو معاون أو حتى مساعد!

وعندما عملت كنائب لوزير التموين حضر لى وكيل الوزارة، وقال لى «طير واطى».. فسألته يعنى إيه؟!.. قال لى: اوعى تحلق عالى أو تحلم، ويا ويلك لو لمس فيك الوزير نبوغا مبكراً أو علماً غزيرا فسيبدع فى تشويه صورتك والتنكيل بك.. ولا تفعل إلا ما يكلفك به الوزير فقط، ولا تجتهد ولا تقدم أى منظومة تطوير ولا أى شىء.. فقط «طير واطى» تريح وترتاح!

ولم ينس وكيل الوزارة أن ينصحه بعدم الاتصال بأحد فى مجلس الوزراء، أو إجراء أية حوارات صحفية إلا بإذنه، لأن ذلك قد يوغر صدره.. وإن أوغرت صدره، فلن تأمن شره.. وكأنها نصائح الأعرابية لابنتها ليلة الزفاف.. ولم أكره فى حياتى كلمة مثل «الطيران المنخفض»!

 

التعليقات