«حرب خاصة» الأمريكى يدين بشار بعيون «مارى كولفين»!

لا تنفصل أبدا المهرجانات السينمائية عن الرؤية السياسية، إلا أنها يجب ألا تخضع لها، فهى لا تعبر بصرامة عن توجه الدولة، ولا حتى عن القائمين على المهرجان، ولكنها تنحاز للحرية وللإنسان وحقه فى الحياة، وحريته فى التعبير، ولا يمكن مثلاً أن يسمح مهرجان بعرض فيلم به شبهة ازدراء شعب أو عقيدة أو لون.

من كبرى المعضلات التى واجهت المهرجانات المصرية فى السنوات الأخيرة الموقف من مؤسسة الدوحة للأفلام، نظرا للعلاقات المقطوعة مع قطر، ورفضت فعلا أفلاما فى العام الماضى، لأن بها تمويلا قطريا، هذه الدورة شاهدت أفلاما فى (القاهرة) وقبلها (الجونة).

ساهمت فى تمويلها مؤسسة الدوحة، الفيصل فى الاختيار هو العمل الفنى وليس جهة التمويل، أيضا برغم أنه لم يحدث فعليا عرض أفلام إيرانية فى الفعاليات خلال السنوات الأربع الأخيرة، متجاهلين أن كبرى المهرجانات تعتبرها (فاكهة) السينما، والأمر عمليا لا يزال قائما هذه الدورة.

لكن رئيس المهرجان الكاتب والمنتج محمد حفظى، أكد فى حوار له على صفحات «المصرى اليوم» أن السينما الإيرانية مرحب بها.

الرقم الصعب هو سوريا، حيث ستلمس أن كل شىء ممزوج بالسياسة، فى هذا العام على أرض الواقع صار بقاء الأسد رئيسا هو ما توافقت عليه كل القوى الفاعلة، لأن البديل هو تفشى وسيطرة قوى الظلام التى تقودها (داعش) وأخواتها، وهكذا مالت الكفة لصالح بشار.

المهرجانات العربية مثل (قرطاج) فى تونس منحازة للسينما التى يصدرها النظام السورى، لدينا (الإسكندرية) فى السنوات الثلاث الأخيرة تحولت إلى تظاهرة تؤيد الأسد وتحتفى فقط بمؤيديه.

مهرجان (القاهرة) وقف هذه الدورة على الجانب الآخر تماما، سمح بعرض الفيلم الأمريكى (حرب خاصة)، فى القسم الرسمى خارج المسابقة، الرقابة منحته تصريح العرض العام، وهذا يعنى بزاوية ما موقفا يعبر عن تحمس المهرجان للفيلم فنيا، من حقك تعتبره تحمسا سياسيا أيضا.

يروى الشريط حياة مارى كولفين المراسلة الصحفية الحربية، بعد أن اغتالتها العشوائية التى مارستها قوات بشار الأسد فى مدينة (حمص)، وهو يدك الجميع مؤيدين للنظام وخارجين أيضا على النظام، ولقيت الصحفية نحبها تحت الأنقاض وهى ممسكة بسلاحها (الكمبيوتر)، كانت لها محطات تواجد سابقة تحت التوتر فى الشيشان وكوسوفا والعراق وليبيا وغيرها.

كل من له علاقة بـ«الميديا» سيشعر بفخر وهو يتابع سيرتها الذاتية وهى تُضحى بحياتها الخاصة، ثم بإحدى عينيها ثم بنفسها من أجل أن تنقل الحقيقة للناس، رغم التحذير من شبح الموت الذى كان يُطل برأسه، وهكذا شاهدنا بطلة الفيلم التى أدت دورها روزاموند بايك وهى تنتقل تحت مرمى النيران، حاملة روحها على كفها.

المخرج ماثيو هاينمان، بين الحين والآخر يعيد تمثيل بعض تلك اللحظات، وكثيرا ما جاء الأداء الدرامى وهو يجرح التوثيق، مثل تقديم شخصية القذافى.

الفيلم يقف ضد الديكتاتور، وهو ماتابعناه من خلال رحلات البطلة فى دول أخرى مثل سوريا- بشار، وماتكرر قبلها فى العراق مع صدام حسين.

التعليقات