يا ولا.. يا ولا!!

هل من الممكن أن نتحدث عن المطرب عبدالغنى السيد، الذى حلت ذكراه أمس؟، أعلم أنى خسرت ضربة البداية، أكيد الأغلبية منحازة للحديث أكثر عن بطانة رانيا، ومشهد الجنس فوق هرم خوفو، ثم هذا الاكتشاف الذى جاء متأخرا جدا عندما أعلن رجل الدين أنه لا توجد حور عين فى الجنة.

وهذا يعنى أن الذين فجروا أنفسهم من أجل الـ76 حورية إياهم أخذوا جميعا (زومبة) دُنيا وآخرة.

كنت أستقل عربة وطلبت من السائق أن يدير المؤشر إلى محطة الأغانى التى تُقدم الألحان التى نوصفها عادة بالزمن الجميل.

استمعت إلى صديقى الرائع مدحت صالح (ع الحلوة والمرة)، ووجدت السائق منتشيا، فهو كما يبدو سميع من الطراز الأول، سألته عن اسم المطرب؟، أجابنى مدحت صالح طبعا يا أستاذ، قلت له المطرب الأصلى؟، مدحت هو الأصل، قلت له إنها لمطرب قديم اسمه عبدالغنى السيد، قال أول مرة أسمع فيها هذا الاسم.

أيقنت أننا مع الزمن سنكتشف أن الذاكرة الشعبية قد سقطت منها عشرات الأسماء، عبدالغنى السيد رحل قبل أكثر من 55 عاما، وكان واحدا من أشهر المطربين ومعبود النساء، وهى صفة عامة لأى مطرب جماهيرى، من يقول لك إن العلاقة مع الجنس الآخر مجرد إعجاب برىء يحركه العقل، يكذب، الهوس فى الحب هو الذى يخلق الاستثناء، وهكذا كانت الجميلات تنتظرن عبدالوهاب، فى نهاية أى حفل بعد أن يغسل يديه، وتقدم كل منهن ذيل فستانها لكى تنال شرف أن ينشف يديه، حتى لو اختلفت وسائل التعبير، ستجد فريد وفوزى وحليم وصولا إلى كاظم وعمرو وتامر، لديهم حكايات كثيرة. تمتع عبدالغنى بلقب (الدونجوان) الذى تجرى وراءه جميلات المجتمع الاستقراطى، مهددا عرش عبدالوهاب، وردد ألحانا للكبار أمثال عبدالوهاب والسنباطى ومحمود الشريف، إلا أنه منذ الخمسينيات ومع بزوغ نجومية عبدالحليم تضاءل حضوره.

عرض عليه كمال الطويل لحنا، وأثناء البروفات طلب الطويل إعادة مقطع منه، ولم يتحمل عبدالغنى، وأمام الفرقة الموسيقية أوقف التسجيل وقال له (هو إنت عامل كوفاديس) وكان هذا هو الفيلم التاريخى الأشهر والأكثر تكلفة فى تلك السنوات، وأنقذ عبدالحليم الموقف، حيث كان عازف (أبوا)، فانتقل إلى الميكروفون ليسجلها.

رفض عبدالغنى أيضا أغنية (صافينى مرة) عندما قدمها له محمد الموجى، ليحلق بها عبدالحليم.

فى عز نجاحه تقبل منه الجمهور ما لا يمكن أن يتقبله من غيره، راجعوا (يا ولا يا ولا) كانت ستودى بمن كتبها ولحنها وغناها إلى نيابة الآداب، راجعوا الكلمات التى كتبها المبدع أبو السعود الإبيارى، بدأ الغزل عفيفا وبهدوء (ضحكت سنتها يا ولا بتزيد القلب لهيب)، وانتقل للجبين والعيون كلها تحت سقف المسموح، ثم (يا بتاع التفاح لون تفاحك راح فى خدود ست الكل)، نعم تعدى، ولكنها تمهد للشطرة الثانية (يا بتاع الرمان رمانك غلبان بص علينا وطل)، التفاح والرمان من أشهر أنواع الفاكهة التى تصنع تماثلا حسيا مع جسد المرأة، ولكننا تقبلناها من أجل عبدالغنى، حتى إنه عندما كان يردد فى أى حفل (يا ولا يا ولا) وأمامه راقصة، كانت باقى الراقصات يتوعدن تلك الراقصة التى حظيت بهذا الشرف بالضرب المبرح!!.

(المصري اليوم)

 

التعليقات