مهزلة فى ثوب الفضيلة!!

لا أحد يجرؤ على الكلام، فهل هذا يعنى أن الجميع لديهم قناعة ورضا بالمقسوم، أم أن نيران الغضب ساكنة تحت رماد العجز وقلة الحيلة؟.. الصامتون يشكلون الأغلبية، بل سأكون أكثر دقة وأقول إنه ربما كان الوحيد الذى أعلن رفضه بصوت عال، وفى أكثر من مجال، وفى كل المنافذ المتاحة أمامه والخارجة حتى الآن عن سيطرة القبضة الواحدة، هو الفنان الكبير محمد صبحى، مواجها الاحتكار الذى يمنح شركة واحدة نحو 5 قنوات فضائية قابلة للزيادة، وفى نفس الوقت صارت هى المنتجة للدراما والمنوعات، كل شىء يبدأ وينتهى إليها، وهو ما ينطبق عليه توصيف الاحتكار المُجرم والمُحرم فى مصر والعالم أجمع، لأنه يعنى فرض ذوق واحد على وجدان الناس.

الجميع فى فمهم ماء، لأنهم مدركون فداحة الثمن الذى سيدفعونه لو حطموا حاجز الصمت. صبحى أعلنها بمجرد ترشحه لرئاسة لجنة الدراما التابعة للمجلس الأعلى للإعلام، وهذا يعنى أن هناك صوتا داخل الدولة يرى الخطر.. صُبحى أكد أن فى مقدمة أولوياته لقبول المنصب ضرب الاحتكار، وجدد هذا الخطاب فى مدينة (سُنبل) فى حوار مباشر داخل مسرحيته (خيبتنا)، أتصور أن عدم إعلان صدور قرار رسمى بتولى صبحى لجنة الدراما يعود إلى أنه لا يزال مُصرا على مواجهة الكيان الإعلامى العملاق، الذى لا يتوقف بين الحين والآخر عن استعراض قوته بمنع كل من يتفوه بإعلان الغضب من التواجد على الشاشات التى يسيطرون عليها، لا أعرف هل حسبها صُبحى بدقة ووضع كفتى الأرباح والخسائر، فاختار الرهان على الغد، فلا أحد من الممكن أن يتوقع استمرار وضع خاطئ لزمن قادم. أعلم أن الدولة ترى أن الإعلام يبدو فى كثير من الأحيان بلا رأس يفكر، وواجه أغلب القنوات الفضائية، إن لم يكن كلها، تعثر مادى حال دون استمرارها، فكان لا بد من التدخل الرسمى، إلا أن الاحتكار لا يمكن أن يُصبح هو الحل، وأتمنى ألا يراهنوا كثيرا على الصمت، الذى صار هو الملمح الرئيس الذى يغلف المنظومة كلها، الجلسة المزمع عقدها قبل نحو شهرين بين الأستاذ مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى للإعلام، ومحمد صبحى، وبعدها يتم إصدار قرار توليه لجنة الدراما، أظنها ستظل جلسة مؤجلة حتى إشعار آخر.

الصامتون بين الإعلاميين والفنانين يشكلون قطعا الأغلبية، إقصاء هذا وإيقاف ذاك ونقل الثالث وتحجيم الرابع يجعلهم يرفعون شعار «إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب»، الكل فى لحظة من الممكن الاستغناء عنه، إحساس القوة المفرطة يطرح رغبة دائمة لاستعراض القوة، فارتدوا فى مواجهتها درعا واقية وهى الصمت.

الشركة المسيطرة لا تزال بيدها كل الخيوط الإعلامية والدرامية، فما باليد حيلة، لا أتصور أن تلك الاستراتيجية القائمة على فرض الأمر الواقع قادرة على الاستمرار لأكثر من عام واحد.. يكفى أن نذكر أن عددا لا بأس به من المسلسلات المزمع عرضها فى رمضان، رغم أنه لم يتبق سوى ثلاثة أشهر، لم يبدأ تصويرها حتى الآن، لنعود مرة أخرى لآفة الكتابة والتصوير على الهواء، وهى ألد أعداء الإبداع، لتخسر مصر الكثير من قوتها الناعمة الداعمة.

هل هناك عين تراقب ما يحدث وتوقف تلك المهزلة التى ترتدى ثوب الفضيلة؟، أظن وأتمنى ألا يخيب ظنى!!.

(المصري اليوم)

 

 

التعليقات