غنيلها يا سيد!

لا تسألونى كيف وصلنا إلى هذه الحال، أنتم تعرفون بالتأكيد.. فى الليلة التى لم تجف فيها الدموع.. وفى الليلة التى كنا نودع 15 شهيداً من خيرة الأبطال، كان الإعلام مشغولاً بالأسرار الكاملة لإلقاء «سيدة البلكونة» فى الشارع.. وكانت ريهام سعيد تقول لزوجها: «طب صالحها وغنيلها يا سيد».. ونسى الجمهور دم الشهداء حتى سقط شهداء الدرب الأحمر أيضاً!.

ولم أشأ أن أعرف من الذى تورط فى إلقاء سارة مجدى؟.. إن كان زوجها، أم أنها ألقت بنفسها؟.. إن كانت تريد الانتحار لتتخلص من نفسها بسبب شقيقة زوجها، أم بسبب تدخلات أمها؟.. ورحت أنام محبطاً مما يحدث.. شباب زى الورد يضيع لا يحظى فى إعلام بلده بالاهتمام.. القصة الأصلية هى سيدة البلكونة، وهناك دقيقة فقط فى النشرة عن شهداء العريش!.

لم أفقد إيمانى أبداً بهذا الوطن.. ولم أفقد يقينى بقدرة أبنائه على إنقاذه.. كان الإعلام البديل أكثر نشاطاً، وكانت التغطية على مدار اللحظة.. صور وفيديوهات ومعلومات أسبق من تليفزيون الدولة وإعلام الدولة الموازى.. فالذين يصنفون كإعلاميين ليسوا كذلك.. والذين ليسوا إعلاميين هم من يفهمون فى الإعلام.. وانصرفنا عن الإعلام الرسمى والموازى!.

فمن الذى خطط لكى يكون الرأى العام فى واد، واهتمامات الوطن فى واد آخر؟.. من الذى وضع البرامج والخطط بهذا الشكل العقيم؟.. متى يغير الإعلام خريطته، إن لم يغيرها فى لحظة سقوط الشهداء، أو دخول الشرطة فى معركة على بعد أمتار؟.. فقد كانت الشرطة تخوض معركة مع الإرهابى فى الدرب الأحمر، عندما طلبت «ريهام» أن يغنى سيد لزوجته ورفض!.

وبالمناسبة فإن سيد لم «يرفض» لأنه مشغول بما جرى للوطن.. بالعكس سيد كان مشغولاً بقضيته، بعيداً عن الوطن.. أرادوا له أن يكون مشغولاً بنفسه، أو يدافع عن نفسه.. أصبح أشهر زوج فى عام 2019.. شغلنا الرأى العام بقضيته مع أنه أنقذها من أجل عياله.. وراح المجتمع يبحث عن السبب، ونسى الأسباب والأسرار وراء «تفجيرات» العريش والدرب الأحمر!.

وقبل ذلك بليلة أو ليلتين كان الرئيس فى مؤتمر ميونخ، يتحدث عن الإرهاب والتجربة المصرية لمواجهة الإرهاب.. وكان الإعلام يستضيف فيفى عبده ولطيفة.. وكانت فيفى تحكى عن مشوارها وتجربتها.. وكانت لطيفة تحكى عن تاريخها.. وكان شارع شريف يموج بالرقص.. لا هم تحدثوا عن مصر ولا عن تجربتها.. وإنما عن تجربة فيفى، فكيف حدث هذا؟!

السؤال: كيف هان علينا إلقاء السلاح طواعية؟.. هل رأيتم دولة يمكن أن تلقى سلاحها الإعلامى ثم تدخل حرباً هى فى الأصل حرب فكرية وثقافية؟.. فى ليلة كانت «الصناديق» عائدة من الجبهة، ولم نتألم.. كانت المذيعة تتحدث عن «سيدة البلكونة».. وكانت تقول لزوجها: «غنيلها يا سيد»!.

التعليقات