رئيس وثلاثة رجال!

لم يكتب أحد حتى الآن كواليس الفترة التى سبقت يوم 3 نوفمبر وما بعدها.. لم نعرف كيف سارت الأمور بهذا الشكل، دون أن تتعرض مصر لهزات سياسية، أو مظاهرات على غرار ما قيل إنها انتفاضة الحرامية.. هل كان الرئيس مستعدًا للمخاطرة؟.. من الذى أقنعه بقرار تحرير سعر الصرف؟.. كيف كان موقف الأجهزة السيادية؟.. وكيف عبرت مصر أزمتها؟!
ولا أخفى عليكم أننى كنت أشعر بالتفاؤل غير المبنى على حقيقة.. إلا حقيقة واحدة، وهى ثقة الشعب فى الرئيس.. وكتبت «مصر هتعدى».. كنت أشعر بالتفاؤل سياسياً والرعب اقتصادياً.. نعم سوف تعبر مصر، ولكن كيف تسير الأمور؟.. هكذا كان السؤال.. ولم يكن أمامنا غير قرارات التحرير، وكانت تشبه قرار الحرب وتحرير سيناء.. والآن انتصرنا وعبرنا!.
فقد كان هناك رجال فى غرفة العمليات.. يقيسون كل خطوة بالترمومتر.. الأجهزة السيادية تعمل ليل نهار.. قيادات البنك المركزى تعمل ليل نهار.. أجهزة قياس الرأى العام تكتب تقاريرها.. الرئيس يقول الشعب هو البطل.. ولولا الدعم السياسى الكامل من القيادة السياسية ما حدث شىء.. فلا يمكن لخبراء الإصلاح إطلاقاً أن يفعلوا شيئًا بدون «دور مساند» من القيادة!.
تداعت هذه الأفكار أمامى، عندما قرر الرئيس زيادة الحد الأدنى للأجور.. فأين كنا وكيف أصبحنا؟.. هل نجنى الآن ثمار التنمية، كما قال الوزير محمد معيط؟.. هل أصبح لدينا «فائض للتوزيع»، أم أنها خطوة استباقية لقرارات يوليو، أم هى «رشوة الاستفتاء» كما يدعون؟.. الحقيقة أن «مصر عدت»، وأن الإصلاح الذى قالوا يومًا إنه «فنكوش» بدأت تظهر ثماره!.
أعترف أنه ينقصنا الخيال والاستثمار بأضعاف ما يحدث الآن.. وينقصنا الإنتاج بأضعاف أضعاف ما ينتج حالياً.. ونحتاج للتصدير بأرقام غير مسبوقة.. معلوم أن سعر الصرف ناتج كل هذه الأشياء معاً، فضلاً عن مستوى التعليم والثقافة أيضاً.. نريد مضاعفة السياحة مرات.. وعندئذ ينخفض الدولار أكثر أمام الجنيه.. ويزيد الجزء الفائض للتوزيع ونواجه التضخم!.
ولا تنسوا أن الرئيس اعتمد فى خطة المواجهة على ثلاثة رجال.. الأول: شريف إسماعيل شفاه الله.. الثانى: طارق عامر.. الثالث: كامل الوزير.. وبدأت الخطة بالإصلاح النقدى، وانتهت إلى إصلاح اقتصادى يتحرك ببطء.. ومضى «المركزى» فى إصلاح «البيئة النقدية».. ومضت الحكومة فى إصلاح بيئة الاستثمار.. وخرجنا من الأزمة بتغيير ثقافة الناس الاقتصادية!.
ومازال الوقت مبكراً لكشف الكواليس.. نحتاج الآن لتغيير ثقافة الجهاز المصرفى لتمويل المشروعات الصغيرة، وليس الضخمة فقط.. نحتاج لتمويل الأفكار وليس الماكينات فحسب.. نحتاج إلى إنتاج وتصدير واستثمار وسياحة.. ونحتاج أيضاً إلى تغيير ثقافة الشراء بالكيلو وليس بالقفص!.

التعليقات