عندما يفتتح المفتي مهرجان السينما

على مهلٍ كان يمشى على السجادة الحمراء، بقامة ممشوقة، وعمامة مميزة، وجبة سوداء، يحتضن يد زوجته مبتسمًا، ويرفع يده اليمنى للجمهور الذى اصطف على الجانبين لتحيتهما، إنه مفتى قازان، عاصمة تتارستان، والمدهش أنه رئيس مهرجان قازان الدولى للسينما، والذى بدأت دورته الخامسة عشرة الأربعاء الماضى، وهو أحد أهم وأكبر المهرجانات السينمائية الروسية، وشعاره: «ثقافة الحوار قبل حوار الحضارات».

فى كلمته الرقيقة والمرتجلة، التى ابتعدت عن أى وعظ دينى، وركزت على قيم التسامح والإنسانية التى تعكسها الأفلام، بغض النظر عن أديان منتجيها، تساءلت: ترى هل يمكن أن يحدث ذلك عندنا؟.

ولأنها المرة الأولى لى فى قازان، اصطحبتنى صديقتى التتارية «سمبل» فى الصباح إلى «كرملين قازان»، بجوار هذا المكان التحق تولستوى بجامعة كازان ليدرس اللغات الشرقية والعربية، وكذلك فنان الشعب كاتشالوف بدأ مسيرته الإبداعية فى المسرح، تجتمع فيه أجمل الأبنية الأثرية، إنه إرث قازان الثقافى والتاريخى والدينى، هنا حيث بصمات التاريخ العميقة، شهد هذا المكان دمارًا وقتلًا، قصص حب ووفاء، وهزيمة وانتصارًا وسلامًا، ظللت أحلق فى عوالم وأزمنة هذا المكان الذى يضم كنيسة بديعة، ومسجدًا حديث البناء ويسمى «قول شريف»، واندمج بشكل رائع مع الحصن القديم.

يحتوى المسجد على متحف التاريخ الإسلامى، ولفت نظرى وجود برج مائل إلى حد ما، قالت لى«سمبل»: هناك أسطورة نسجت حول هذا البرج تقول «إن البرج شيد بأمر من إيفان الرهيب بعد الاستيلاء على قازان عام ١٥٥٢ بطلب من الملكة سيومبيكى، فقد أراد القيصر الروسى أن يتزوجها وقد كانت فائقة الجمال، وأول امرأة تحكم البلاد، ولأنها كانت تريد تهجيره، فقد أعطت موافقتها المشروطة بتشييد البرج خلال سبعة أيام، وقد فعل ذلك بدقة فائقة، فطلبت من القيصر أن تصعد إلى أعلى البرج، وهناك ألقت بنفسها منه»، بعد ذلك على امتداد الكرملين هناك شارع يحوى فى ضفتيه المحال والمسارح: مسرح «موسى جليل» التتارى الأكاديمى للأوبرا والباليه، ومسرح «على عسكر كمال» التتارى الحكومى الأكاديمى.. توقفت أمام إحدى الدمى كبيرة الحجم، التى يسمونها: «متروشكا»، العروسة الروسية التى تمثل المرأة الروسية الريفية باللباس التقليدى، والتى تختزن فى بطنها ست دمى متفاوتة الحجم، احتضنتها والتقطت صديقتى عدة صور بديعة لنا، وانطلقنا بعد ذلك للسينما لنستمتع بعروض أفلام المهرجان.

ودّعت قازان مدينة السلام والفن، مزيج الحضارة الشرقية والغربية، وموطن العشرات من القوميات مختلفة الأعراق والأجناس.

 

التعليقات