الجماعة والوطن!

كل واحد يدفع ثمن اختياره من اسمه وسمعته وتاريخه.. إذا اخترت أن تكون مع الوطن سيبكيك الوطن.. وإذا اخترت أن تكون مع الجماعة ستبكيك الجماعة.. وفرق كبير بين الوطن والجماعة.. وأظن أن «مرسى» قد خسر حيًا وميتًا.. وبكل المقاييس خرج منها خسرانًا.. لأنه لم يحسن الاختيار أبدًا.. رمى نفسه فى حضن جماعة ضيقة، فباعته «حيًا» وباعته «ميتًا»!.

عشنا ثورتين اثنتين.. 25 يناير على مبارك وفلول النظام والحزب الوطنى.. و30 يونيو على مرسى ومكتب الإرشاد وجماعة الإخوان.. وهناك فرق كبير بين الثورتين والنظامين والأتباع.. فى الأولى ركن مبارك وسلم السلطة، فلم يحاربونا أو يقتلونا أو يفجّروا المنشآت.. وفى الثانية حاربونا وفجّرونا وقتلونا ودعوا علينا بالهلاك والحشر مع «أبولهب» و«أبوجهل»!.

هذا مبارك وهذا مرسى.. هذا نظام وهذا نظام.. كلاهما ثار عليه الشعب.. كلاهما ضقنا به وبسياساته.. خلعنا أحدهما وعزلنا الآخر.. ولم نندم على شىء مما فعلناه.. لكن تبقى الهوّة سحيقة.. أقول هذا لمن يسألون عن مصير مبارك: هل سيُدفن أيضًا بعد منتصف الليل؟.. هل نصنع له جنازة رسمية؟.. أليس من أبطال نصر أكتوبر؟.. أنت وحدك من تعرف الفرق طبعًا!.

«مبارك» اختار الوطن.. ولكن «مرسى» اختار الجماعة.. مبارك كان قائدًا منتصرًا.. مرسى لم يفعل شيئًا إلا لجماعته.. فلماذا تطلبون أن ينتصر له الوطن؟.. مبارك لم يتهم الدولة بشىء.. لم يطعن فى قضائها.. لم يطعن فى مصداقيتها.. ولم يطعن فى أحد.. لم يكن ولاؤه إلا للوطن.. مرسى كان ولاؤه للسلطان العثمانى و«الخلافة».. الوفاة «كشفت» ولاءه من جديد!.

فهل كنتم تريدون أن تقام للأخ مرسى جنازة رسمية باعتباره الرئيس الأسبق؟.. هل كنتم تريدون أن يُصلِّى عليه مليون مصرى؟.. هل كنتم تريدون أن يتقدم جنازته الرئيس السيسى شخصيًا؟.. كيف هذا؟.. ألم يكن يُحاكم فى قضية جاسوسية وتخابر؟.. فهل كانت العملية تمثيلية مثلًا؟.. انتهى الأمر بأن صلى عليه 11 من أبنائه وأشقائه فقط.. هذه عائلته وهذه جماعته!.

هذا اختيار لا دخل لنا فيه أبدًا.. فقد اختار العائلة والجماعة، وكان رئيس الجماعة، وليس رئيس الجمهورية.. وبالمناسبة فقد غادر الرجل وهو «مُمتن» لهيئة دفاعه، وقال إنه «الرئيس الشرعى»، فقد كان، رحمه الله، يحفظ ولا يفهم.. «شرعية إيه»؟.. ألم يمض على ذلك ست سنوات، ألم يعقبه رئيسان حتى الآن؟.. هل هذا مستوى رئيس ألقت به الأقدار فى قصر الرئاسة؟!.

ولا أريد أن أقارن بين مرسى ومبارك.. كلاهما تفصل فيه محكمة التاريخ.. لكن مبارك اختار أن يكون مواطنًا مصريًا.. لم يتسبب فى سقوط شهداء ومصابين.. ولكل أجل كتاب.. إذا شيّعه واحد فهذا قدره.. وإذا شيّعه «مليون» فهذه مكانته.. فمن اختار الجماعة غير من اختار الوطن!.

 

التعليقات