أحبك فوق ما تتصور!

نعم قد ينفلت مشجع هنا أو هناك، قد تخرج كلمة متجاوزة، قد وقد وقد، كل هذا وارد جدًا، خاصة فى ملاعب كرة القدم التى بطبيعة نشأتها وتكوينها تحمل قدرًا من التعصب، حيث يمنح العقل إجازة مفتوحة.

البطولة الكروية عنوانها إفريقيا، ولكل الفرق المشاركة نفس الاعتزاز، لأننا ننتمى حضاريًا للقارة السمراء، إلا أن حبى للجزائر، الوطن والشعب والثورة، له حسابات أخرى.

وقف الشعب المصرى كله فى زمن عبدالناصر وراء الجزائر لكى تنال استقلالها، والكثير من خطط ضرب المستعمر الفرنسى كانت تُدبر فى القاهرة، الجزائر لحّن لها عام 57 الموسيقار محمد فوزى نشيد (قسمًا بالنازلات الماحقات) تأليف مفدى زكريا، وكان أهم أسلحة المقاومة الناعمة، تم اعتماده عام 63 كنشيد وطنى للجمهورية، وفى مئوية محمد فوزى، العام الماضى، والتى نسيناها فى مصر، أطلقوا فى الجزائر اسم فوزى على معهد الموسيقى، ومنحه رئيس الجمهورية أرفع الأوسمة، الجزائر هى الرئيس هوارى بومدين، الذى ذهب عام 67 بعد الهزيمة إلى روسيا (الاتحاد السوفيتى)، لكى يحصل على سلاح حديث للجيش المصرى، ورهن البترول الجزائرى لكى تسترد مصر أرضها وكرامتها.

دم الجندى الجزائرى امتزج بالدم المصرى فى معركة 73، الجزائر فيلم (جميلة بوحيرد) عام 58، الذى كتبه يوسف شاهين، خطأ على الأفيش (بوحريد) ولانزال نكرر الخطأ، الجزائر عاشت تحت مرمى نيران ودموية المتطرفين وذبحوا الآلاف منذ نهاية الثمانينيات حتى نهاية التسعينيات، فيما عُرف بالعشرية السوداء، أى السنوات العشر التى اتشح فيها البيت الجزائرى بالسواد، حتى انزاحت الغُمة.

الجزائر قصة حب جمعت منذ مطلع الستينيات بين صوت وردة وموسيقى بليغ حمدى، تُوجت بالزواج، الشرارة الأولى لحن (بحبك فوق ما تتصور) والأخيرة (بودعك وبودع الدنيا معك)، والتى كتبها ولحنها بليغ، وبعدها ودع الدنيا، كانت وردة هى دُنياه.

البعض يريد أن يعود بنا عشر سنوات خلت لمعركة (خايبة) فى (أم درمان) بين الفريقين المصرى والجزائرى، حدث تراشق وتشابك بين الإعلام المصرى والجزائرى.

الحقيقة أن ما فعله علاء مبارك هو الذى أشعل المعركة، عندما استمع إليه المصريون فى برنامج (البيت بيتك) يهاجم الفريق الجزائرى، كل هذا أسفر عن تأجج المشاعر، وخطأ هنا وآخر هناك، والإعلام كعادته يسير خلف السلطة السياسية، توقعوا أن علاء يعبر عن رأى الرئيس، ولم يكن هذا صحيحًا، وتداعت مع الأسف ردود الفعل، مهرجان القاهرة السينمائى يلغى تكريم المخرج الجزائرى أحمد راشدى، نقابة الموسيقيين تهدد بشطب وردة من عضوية النقابة، الإذاعة والتليفزيون الرسميان يمنعان تقديم أغانيها، أحد نجومنا أراد أن ينافق ابن الرئيس فأعلن أنه أعاد جائزة للسفارة كان قد حصل عليها فى أحد المهرجانات السينمائية الجزائرية. أتذكر أننى التقيت بعدها بأيام المخرج أحمد راشدى، حيث كان رئيسًا للجنة تحكيم مهرجان (دبى) السينمائى، وسألته عن رد فعله، قال لى إن بعض الصحفيين والإعلاميين الجزائريين طالبوه بأن يصدر بيانًا يعلن فيه أنه يرفض الحصول على تكريم من القاهرة، فقال لهم: كيف أرفض تكريما يأتينى من مصر (أم الدنيا). شعب الجزائر، الذى قدم مليونًا ونصف المليون شهيد لكى ينال حريته، (أحبك فوق ما تتصور/ وأعزك فوق ما تتصور)!!.

التعليقات