ما بعد جون كاسن!

لا أجد غرابة فى قرار الخطوط الجوية البريطانية تعليق رحلاتها إلى القاهرة لمدة أسبوع، فالإجراء يتسق تمامًا من حيث نواياه مع مواقف بريطانية سابقة تجاه مصر.. مواقف غير مفهومة، وغير معقولة، ولا تليق من العاصمة لندن، التى توصف فى العادة، بأنها عاصمة أم الديمقراطيات فى العالم!.

وأستطيع أن أحصى من مثل هذه المواقف الكثير، ولكنى فقط أعيد تذكير الذين نسوا بأن بريطانيا لاتزال تمنع سياحتها عن شرم الشيخ حتى هذه اللحظة، منذ أن أوقفتها فى أعقاب حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء فى أكتوبر ٢٠١٥!.

إنها منعت سياحتها عن شرم قبل روسيا نفسها، التى كان جميع ضحايا الحادث يحملون جنسيتها، ورغم أن ركاب الطائرة لم يكن بينهم إنجليزى واحد!.

وعندما تواصلت وزارة الطيران مع السفارة البريطانية فى القاهرة، فإن رد السفارة، حسبما جاء فى بيان الوزارة الرسمى يقول، إن تعليق الرحلات ليس صادرًا عن وزارة النقل هناك ولا عن الخارجية، وإنها- أى السفارة- سوف تتواصل مع وكيل الخطوط هنا للتدقيق فى المعلومة!.

وهو رد غريب من السفارة، لأنه يصورها وكأنها لا تعلم بدوافع ما حدث، مع أنها تعلم بالتأكيد، ومع أن الخبر كان على شريط الأخبار فى عدة قنوات فضائية كبيرة فى ساعة متأخرة من مساء أمس الأول، ومن بينها قناة العربية مثلًا، التى نقلت عن الخطوط البريطانية قولها إن قرار التعليق هو إجراء احترازى!.

احترازى من ماذا أو ضد ماذا؟!.. لم تذكر الخطوط ذات التاريخ العريق وذات السمعة الكبيرة!.

وكان الأمل أن تختلف الطريقة التى تتعاطى بها السفارة مع الشأن المصرى مع مجىء السفير الجديد، السير جيڤرى آدمز، عما كانت عليه أيام السفير السابق جون كاسن، الذى كان يكتفى بالتغريد على «تويتر» فى كل مناسبة، وكان يشرب السحلب ويأكل البطاطا فى برد الشتاء، وكان يتجول فى الأحياء الشعبية فى الصيف، فإذا سألناه عن شىء يخص علاقتهم بنا ابتسم وتكلم فى موضوع آخر!.

فالسفير الجديد رجل خدم فى المنطقة من قبل، وتنقل فى خدمته بين عواصمها، ويعرف العربية، وقد جاء ليضع العلاقات فى مسار آخر غير المسار الذى تمشى فيه منذ فترة.. أو هكذا نفترض!.

ولكن شيئًا من هذا لم يتضح من جانبه حتى الآن، ونحن نريده رجلًا مختلفًا عن كاسن، ونريد علاقة متزنة بما يتناسب مع وزن عاصمتين كبيرتين مثل القاهرة ولندن!.

غير أن السؤال الفاصل فى الموضوع كله هو عما إذا كان السفير.. أى سفير.. ينفذ سياسة تسبقه إلى مكانه، أم أنه يشارك فى صناعتها؟!.. السؤال مهم بشكل عام، ولكنه أهم فى حالة آدمز بالذات!.

التعليقات