الاعتزال لا يليق بإليسا!

تحدت مرض السرطان وانتصرت، برعاية الله وحب الناس، إلا أنها قررت فجأة قبل أيام، الاعتزال، لم تستطع مواجهة ما وصفته بـ(مافيا)، الحياة الفنية، العام الماضى أعلنت هزيمة المرض الشرس، بينما أعلنت هذه المرة، هزيمتها أمام المرض الأكثر شراسة، الذى كان ولا يزال يعشعش فى الحياة الفنية.

يقول البعض مستعينا بحكايات قديمة، إن تلك الحيلة وعبر التاريخ فعلها كثر لترويج أعمالهم الفنية، لأن لها شريط غنائى تم طرحه مؤخرا، وأضيف أن هناك من ادعى قبل 40 عاما الموت، واختفى عن الأنظار حتى يضمن أن تسرى الشائعة، ويقبل الناس على عرض فيلمه كنوع من الترويج.

إليسا تقف فى منطقة أخرى، لا تمارس تلك الصغائر، أراها شحنة من الصدق الفنى والشخصى، لم تضبط يوما وهى تلعب بتلك الورقة، فهى لا تعوزها شهرة ولا ينقصها رواج، ومنذ انطلاقها فى الألفية الثالثة، وهى واحدة من أكثر المطربات على مستوى الساحة العربية تحقيقا للأرقام. ربما لحظة ضعف تجاه موقف لا تهم تفاصيله، دفعها لإعلان هذا القرار، صراع شركات الإنتاج ومنظمى الحفلات، تلك الشبكة معقدة جدا وتتعدد خيوطها، الفضائيات أسقطت الحدود فصارت أى صفقة فنية لها مردودها العربى.

إليسا، تنتقل، من نجاح إلى نجاح، تقفز الحواجز، تتجنب بقدر المستطاع المعارك الجانبية التى كثيرا ما نتابع فيها المطربات وهن يبددن طاقتهن فى صراعات خارج حلبة الغناء. المطرب الناجح مشروع اقتصادى، وهناك مجموعة ترى دائما أنها الأحق باستثماره، ولهذا نشاهد على أطراف الدائرة المتربصين هذا هو ما تابعناه عبر التاريخ، وهو ما تنبه إليه عبدالحليم حافظ مبكرا، ولهذا شارك الموسيقار محمد عبدالوهاب شركة (صوت الفن)، لأنه لا يمكن أن يملك شركة تنافس عبدالوهاب. نجاح عبدالحليم ورواج أغانية وأفلامه يقتسمه أيضا مع عبدالوهاب، الذى صار صاحب مصلحة مباشرة فى مشروع عبدالحليم، والوجه الآخر للصورة أن كل ألحان عبدالوهاب سواء لحليم أو غيره ستشكل قوة اقتصادية لمشروع عبدالحليم، المقايضة بين العملاقين هى التى أوقفت الصراع المحتمل.

من خلال تلك المعادلة تستطيع ان تُمسك خيطا، لماذا لم يلحن فريد لعبدالحليم برغم كل ما كان بينهما من مشروعات أجهضت فى اللحظات الأخيرة؟ وهو أيضا ما يمكن أن يمنحنا إجابة عن سؤال لا أدرى لماذا لم يشغل الصحافة وهو لماذا لم يلحن محمد فوزى لعبدالحليم؟ الكل كان يتحدث عن لقاء مرتقب بين حليم والأطرش، بينما فوزى، لم نسأل لماذا لم يلحن لحليم؟ إجابتى هى أن فوزى لديه شركة إنتاج (مصر فون) قبل التأميم، وأغلب الظن أن الصراع المحتمل فى تقسيم المكاسب هو الذى حال دون اللقاء.

صراعات هذا الزمن أشد ضراوة، وتعبير (مافيا) الذى أطلقته إليسا مضبوط جدا، ولكن فاتها أن صوتها منحة من الله لإسعاد البشر، ولا تملك منفردة أن تقرر فى لحظة مغادرة المسرح، فهى لم تصل بعد للكوبليه الأخير. هل يحتاج الفنان بين الحين والآخر لمن يقول له نحن نحبك؟ نعم، يحن إلى قدر من الدفء، وأظن أن قرار الاعتزال سيسقط قريبا وستعود إليسا لجمهورها، ستعود صاحبة (أجمل إحساس فى الكون) لتسعد بصوتها الكون!!

التعليقات