ومضة نور على باب القبر

تُبدد طاقة الغضب بداخل قطاع كبير من البشر كل مخزون التسامح، يمر زمن ليكتشفوا أن الحب كان متدثرًا برداء الكراهية، وما أسوأها من لحظة عندما تأتى ومضة النور على باب القبر.

ومن أكثر المشاهد التى احتلت مساحة لا تمحى فى الذاكرة يوم وداع الموسيقار المطرب محمد فوزى، أقام صلاة الجنازة عام 66 المطرب محمد الكحلاوى، الذى اشتهر بتقديم الأغانى الدينية والبدوية.

السنوات السبع الأخيرة من حياة فوزى شهدت صراعًا حادًا بينه وبين الكحلاوى، وصل لساحة القضاء، مما دفع جمعية المؤلفين والملحنين - المنوط بها تحصيل الأداء العلنى للأغانى ومنحه للمؤلف والملحن - إلى تجميد المبالغ المالية التى حققتها أغنية شهيرة (يا مصطفى يا مصطفى)، لحنها فوزى ووصلت لأرقام مبيعات ضخمة فى الداخل والخارج غير مسبوقة، وتعددت النسخ التى قُدمت لنفس اللحن بالعديد من اللغات، كان الكحلاوى قد اتهم فوزى بالسرقة الفنية، قال إن فوزى أخذ (التيمة) الرئيسية من لحن بدوى قديم للكحلاوى باسم (فضلك يا سايج المطر/ تُشكر يا سايج المطر)، الغريب أن القضاء لم يحسم هذا الصراع وحتى رحيل الكحلاوى عام 82، إلا أنه فى التسعينيات فقط أقر بأن الأغنية لفوزى، وأصبح الأداء العلنى لصالح ورثته.

كان والد رشدى أباظة لا يعترف بمهنة التمثيل، ووضعه فى مأزق الانتماء للعائلة أو احتراف الفن، اختار رشدى السينما، ترقى الوالد لرتبة لواء شرطة، وظل رشدى غير قادر على زيارته، الغريب أن رشدى ارتدى فعلا زى لواء شرطة عام 72 فى فيلم (كلمة شرف)، وذهب ليصالح والده بعد نهاية التصوير مرتديا الزى (الميرى)، وعندما وصل للبيت اكتشف أن والده ودع الحياة قبلها بدقائق.

الساحة الغنائية شهدت صراعا حادا بين عبدالحليم وعديد من المطربين تواجدوا فى نفس المرحلة الزمنية، ومن أشهرهم محرم فؤاد، الذى كان كثيرا ما يُنكر على عبدالحليم جدارته باعتلاء عرش الغناء، ويتهم أذرعًا إعلامية بل سياسية متعددة مثل المشير عبدالحكيم عامر بأنها تعمل لصالحه من أجل أن يتبوأ تلك المكانة. الغريب أنه بعد ساعات قليلة من رحيل عبدالحليم عام 77، سألوا محرم: من يحمل الراية بعد العندليب؟ أجابهم: (أخذ حليم معه الراية للعالم الآخر).

ولا يسلم كبار الكتاب من تلك الصراعات التى وصلت إلى ساحة القضاء بين الكاتبين الكبيرين يوسف إدريس وثروت أباظة، بعد أن كتب كل منهما على صفحات جريدة (الأهرام) رأيًّا تهكم وسخر فيه من الآخر، واستمرت الضربات تحت الحزام حتى رحيل يوسف إدريس عام 91، فكتب ثروت أباظة كلمات تقطر حزنًا وحبًا فى يوسف إدريس الكاتب والإنسان.

كان من المفترض أن يجتمع عادل إمام ومحمود عبدالعزيز فى فيلم (حسن ومرقص) بعد أن ظلا لسنوات يتراشقان الاتهامات على صفحات الجرائد بسبب مسلسل (رأفت الهجان)، نجح الكاتب الصحفى والمنتج عماد أديب فى تبديد سحب الخلاف، وقبل التصوير بأسبوع فقط، طالب عادل بتغيير محمود وإسناد دوره إلى عمر الشريف، وعند تقديم واجب العزاء لابنى محمود، سأل الصحفيون عادل إمام عن محمود.. فأجابهم كان بيننا مشروع فنى مشترك، ندمت لأنه لم يكتمل!!.

 

التعليقات