د. ثروت عكاشة

اطلعت على جانب من كتاب د. ثروت عكاشة (مذكراتى فى السياسة والثقافة) لضيق الوقت والتزامى مع مجموعة من الأصدقاء بقراءة الكتاب الذى تبلغ صفحاته أكثر من سبعمائة اخترت- إلى حين- أن أقرأ الفصل الخاص بسنوات عمل د. عكاشة كوزير للثقافة مرتين فى مصر، وكانتا فى الستينيات من القرن الماضى. انتهيت من القراءة وأنا أزداد انبهارًا بما قدمه هذا المثقف الكبير لمصر وللمصريين. تساءلت: كيف تمكن د. عكاشة من أن يغير مجرى حياته كلية من شخصية عسكرية إلى مهتم غاية الاهتمام بالفنون والآداب وحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون الفرنسية الشهيرة، حتى أنه طلب إجازة صغيرة ليتمكن من السفر إلى فرنسا لمناقشتها وهو يشغل منصب الوزير؟

تصفحت ما كتب وأذهلنى- بكل معنى الكلمة- ما سطره من تفاصيل وأرقام وبيانات وأسماء لأشخاص شاركوه فى رحلة بناء مؤسسات ثقافية جديدة عرفتها مصر للمرة الأولى، تفاصيل تكاد تحاكى سيناريو فيلم سينمائى محبوك، تصورت أنه كان يدوّن وبشكل يومى كل تلك التفاصيل ويحتفظ بها إلى حين، بانوراما للحياة الثقافية فى مصر الستينيات جديرة بالمراجعة، تساءلت: ماذا لو لم يكن د. ثروت عكاشة قد قدّر الله أن يكون فى حياتنا فى منصبه ذلك كوزير للثقافة؟ هل كانت ستمر تلك السنوات دون أن نشهد كل تلك الإضافات الجديدة فى حياة مصر الثقافية؟ هل كان سيأتى آخر ويفعلها؟

إنقاذ آثار النوبة، ورفع معبد أبوسمبل، مشروع الصوت والضوء، أكاديمية الفنون بمعاهدها المختلفة، أوركسترا القاهرة السيمفونى، نواة السيرك القومى، وإضافات ثقافية وفنية وجماليه عديدة، ومؤلفات فى شتى أفرع الفنون والآداب، مثقف كبير وعاشق لوطنه وشعبه له تجربة مصرية غاية فى الخصوصية، أدعو كل من يتقلد منصبًا إلى مراجعتها، فهى تجربة مؤثرة وموحية. وللحديث عنها بقية.

(المصري اليوم)

 

التعليقات