رسالة لملائكة الرحمة

ماذا حدث لكثير من الأطباء المصريين، تخلت عنهم الإنسانية بعدما تخلوا عن مسؤوليتهم الأخلاقية والإنسانية تجاه مرضاهم، فالمرضى أصبحوا ينتظرون شهورا ليحصلوا على موعد للكشف، وأن يتحملوا ارتفاع الأسعار المبالغ فيه وقسوة تعامل الأطباء معهم، كذلك عدم احترام خيارات المريض، وانعدام دعم المريض على المستوى النفسى، وهنا أورد بعضا من كلام قديم لـ«ابن داود الدمشقى» المتوفى سنة 856 هجرية لعلهم يتعلمون:

«الأطباء خدام الطبيعة ومعينوها، والحاذق منهم من يراعى فى علاجه عدة أمور: أولها النظر فى نوع المرض، الثانى: النظر فى سببه، الثالث قوة المريض، هل هى مقاومة للمرض أو ضعيفة عنه؟ فإن كانت مقاومة للمرض مستظهرة عليه تركها والمرض، الرابع مزاج البدن الطبيعى، ما هو؟، الخامس المزاج الحادث من غير المجرى الطبيعى، السادس سن المريض، السابع عادته، الثامن الوقت الحاضر من فصول السنة، وما يليق به، التاسع بلد المريض وتربته، العاشر حال الهواء فى وقت المريض، الحادى عشر النظر فى الدواء المضاد لتلك العلة، الثانى عشر النظر فى قوة الداء ودرجته، والموازنة بينه وبين قوة المريض، الثالث عشر لا يكون قصده إزالة تلك العلة فقط، بل إزالتها على وجه يأمن معه حدوث أصعب منها، الرابع عشر أن يعالج بالأسهل فالأسهل، ولا ينتقل من العلاج بالغذاء إلى الدواء إلا عند تعذره، ولا ينتقل إلى الدواء المركب إلا عند تعذر الدواء البسيط، الخامس عشر أن ينظر فى العلة، هل هى مما يمكن علاجها أم لا؟ فإن لم يمكن علاجها حفظ صناعته وحرمته، وإن أمكن علاجها نظر هل يمكن زوالها أم لا؟ فإن علم أنه لا يمكن زوالها نظر هل يمكن تخفيفها وتقليلها أم لا؟ فإن لم يمكن تقليلها رأى أن غاية العلاج لذلك إعانة القوة وإضعاف المادة، السادس عشر أن يقصد إنضاج الداء قبل استفراغه، السابع عشر أن يكون له خبرة بعلاج القلوب والأرواح وأدويتها، وذلك أصل عظيم فى العلاج، فإن انفعال البطن وطبيعته عن النفس والقلب أمر مشهود، فكل طبيب لا يداوى العليل بتفقد قلبه وصلاحه، وتقوية روحه وقواه بالصدفة وفعل الخير والإحسان ليس
بطبيب، الثامن عشر أن يتلطف بالمريض كما يتلطف بالصغير، التاسع عشر أن يستعمل أنواع العلاجات الطبيعية، العشرون وهو ملاك أمر الطبيب أن يجعل علاجه وتدبيره دائرا: حفظ الصحة الموجودة، ورد الصحة المفقودة، وإزالة العلة وتقليلها بحسب الإمكان
هذه رسالة من القرن التاسع لأطباء القرن الحادى والعشرين.

"عن المصري اليوم"

التعليقات