منتصف الليل في باريس: داعش ينفذ تهديداته في ملعب ومسرح ومطعم

حبس الرئيس الفرنسي "هولاند" أنفاسه ليس بسبب هجمة سريعة على شباك منتخبه الذي يلاعب المنتخب الألماني في مباراة ودية على أرض الملعب الوطني الفرنسي وبحضور رئيس البلاد، ولكن بسبب صوت انفجار أثار ذعر الجميع.
حيث شهد هولاند بنفسه عملية انتحارية، عندما فجر أحدهم نفسه، عند أحد مداخل ملعب «ستاد دو فرانس»، وقامت الشرطة بإجلائه على عجل .
وقال الرئيس الفرنسي «نحن نعرف من يهاجمنا، إنها محنة جديدة وعلينا أن نبرهن على وحدتنا وتضامننا ونعمل بأعصاب باردة».
ثم انتشرت قوات النخبة في قلب باريس، وأرسلت تعزيزات عسكرية لحماية المباني العامة، ومحطات القطارات، وأعلنت حالة الطوارئ «الفا» على كامل الاراضي الفرنسية، والتي لم تشهد لها فرنسا مثيلا منذ حرب الجزائر في الستينيات، وحتى بعد مذبحة «شارلي ايبدو» في مطلع العام الحالي، وألغيت إجازات القوى الامنية بأسرها، وأعلنت التعبئة العامة في صفوفها، واستدعيت الى الخدمة كل القوى القادرة على الوصول الى باريس. وأعلنت الشرطة وقف حركة أكثر خطوط المترو والقطارات في المدينة.
وخرج الرئيس الفرنسي مذهولاً ومصدوماً في منتصف الليل ليخاطب الأمة عبر التلفزة، وليعلن حالة الطوارئ في فرنسا، وان البلاد تشهد رعباً غير مسبوق، وانه قرر إغلاق الحدود الفرنسية أمام حركة المسافرين، لتأمين البلاد، ومنع خروج أو دخول من قاموا بالعمليات الإرهابية، وان فرنسا قد شهدت هجمات لا سابق لها، وانه طلب من كل القوات العسكرية المحيطة بباريس حماية المدينة وتأمينها، لأن العمليات الامنية لم تنته، وان عملية اخرى لا تزال جارية في قلب المدينة، فيما منح القوى الامنية صلاحيات استثنائية للقيام بعمليات مداهمة ومطاردة للارهابيين.
وتنعقد منذ منتصف الليل خلية أزمة في الاليزيه للإشراف على العمليات الامنية، تضم الرئيس ووزراء الدفاع والداخلية ومسؤولي الاجهزة الامنية ورئيس الوزراء.
ولا يمكن الحديث عن حصيلة نهائية، خصوصا ان ثلاثة مسلحين كانوا لا يزالون حتى ساعات الفجر يحتجزون المئات من رواد مسرح «الباتاكلان» في الدائرة الحادية عشرة من باريس، بينما كانت الحصيلة الاولية في منتصف الليل تتحدث عن 140 قتيلا، وعشرات الجرحى، الكثير منهم في حالة الخطر.
الحقيقة أن سبع مجموعات إرهابية قد شنت هجمات متزامنة في أمسية تكتظ فيها تقليدياً المطاعم والمسارح والشوارع، عشية عطلة نهاية الاسبوع، بالآلاف من سكان العاصمة الفرنسية. وعند الساعة العاشرة مساءً، توجهت سبع مجموعات مسلحة، في وقت واحد نحو أهدافها في باريس، نحو مطعم ومسرح في الدائرة العاشرة والدائرة الحادية عشرة، وبعض الجادات في قلب المدينة، ونحو ملعب «ستاد دو فرانس»، في ضاحية سان دوني القريبة.
وأطلقت المجموعة الاولى النار على رواد مطعم كمبودي في شارع «اليبير» في الدائرة العاشرة، وهو شارع سياحي معروف يفضي الى ساحة الباستيل، وأحصت الشرطة مئات العيارات النارية لبنادق كلاشنيكوف. وكانت جثتان ترقدان على الارض، وسبعة جرحى ينزفون على الرصيف. وتوجهت مجموعة ثانية من ثلاثة مسلحين، نحو مسرح «الباتاكلان»، وتسللت من الابواب الخلفية وبدأت بإطلاق النار على رواد يتابعون عزف فرقة روك أميركية. ويقول شهود عيان ان المسلحين تحدثوا عن الجهاد في سوريا وانهم يقومون بعمليتهم ردا على ما تقوم به فرنسا من حرب على الجهاديين في سوريا.
وقال الشهود إن العشرات تدافعوا للخروج من المسرح، قبل أن يغلق المسلحون الأبواب، وتفرض الشرطة وقوى النخبة طوقا على المبنى، وتقطع كل الطرق المؤدية اليه، وتطلب من السكان البقاء في منازلهم.
وعند الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل، كانت تسمع أصوات لتبادل الأعيرة النارية، وانفجارات حول المسرح المحاصر، الذي كان لا يزال العشرات من الرهائن داخله، في قبضة الإرهابيين.
وقالت الشرطة ان قوات النخبة اقتحمت المسرح عند سماعها إطلاق نار داخله، واستطاعت قتل مسلحين اثنين، وتبحث عن ثالث، من دون أن تصدر حصيلة نهائية.
وكانت المجموعة الثالثة قد وصلت في الوقت ذاته الى ملعب «ستاد دو فرانس» حيث قام انتحاري أو أكثر بتفجير نفسه، ودوّت ثلاثة انفجارات متتالية، فيما كانت القوى الامنية في الملعب تسارع الى إجلاء الرئيس الفرنسي.

التعليقات