في ذكرى ميلاد رشدي أباظة.. حكاية محطات فنية تخلّى فيها عن "لقب الدنجوان"
لم يتحرر رشدي أباظة من لقب "دنجوان السينما المصرية" في معظم المقالات النقدية والحلقات التلفزيونية التي تسرد مسيرته، وربما آثر الممثل المصري الراحل ذلك اللقب وبات المحبب له، لتميزه في تجسيد دور الرجل الوسيم الذي يهوى الإيقاع بالنساء، أو متعدد العلاقات النسائية، كما هو الحال في فيلمه ذائع الصيت "الزوجة 13" رفقة النجمة شادية.
لكن الفنان الذي تحل ذكرى ميلاده الـ98، قدم في مشوار حياته العديد من الشخصيات التي تحرر فيها بالفعل من مسمى "الدنجوان" وذهب إلى مناطق إبداع مختلفة.
فالنجم الذي عرف طريقه إلى السينما من بوابة البطولة من خلال مشاركته في فيلم "المليونيرة الصغيرة" رفقة فاتن حمامة عام 1948، تألق في العديد من الشخصيات اللافتة التي لا تعتمد فقط على الوسامة؛ ليكون جديرًا بلقب "الدنجوان" بل تركز على الأداء التمثيلي، لتظهر هنا قدرات رشدي أباظة في أعمال تعد علامات بارزة في مشواره الفني ومحطات مهمة تستحق التوقف عندها في رصد مسيرته.
جاءت الفرصة الأولى لرشدي أباظة للتعبير عن نفسه كممثل من خلال كاميرا المخرج حسين فوزي في فيلم "تمر حنة"، الصادر عام 1957، إذ أراد الأخير أن يكمل التعاون الفني مع نعيمة عاكف بتجربة جديدة يذهب فيها إلى عالم جديد ومنطقة درامية مختلفة بعد أن قدم معها أفلام خفيفة واستعراضية ومنها "لهاليبو" و"العيش والملح"، لذا استعان في هذا الفيلم بالنجم رشدي أباظة، إذ جسد دور الغجري "حسن" الذي تجمعه علاقة بالغجرية "تمر حنة" لكنها تقع في غرام شاب ثري جسد دوره أحمد رمزي.
عقب عرض الفيلم بدور السينما، لفت نظر الجمهور والنقاد ذلك الأداء المميز للنجم رشدي أباظة، ووجد النجم نفسه أمام مساحة كبيرة من التمثيل والأداء، تختلف عمّا سبقها في أدوار ومنها "رد قلبي"، "جعلوني مجرمًا" و"حياة أو موت"، ليستثمر ذلك التألق المخرج عز الدين ذو الفقار ويقدم نجم الشباك في فيلم "امرأة في الطريق" قصة عبد الحي أديب وسيناريو وحوار محمد أبو يوسف، بعد أن فوجئ باعتذار فريد شوقي لانشغاله بأعمال أخرى.
في الفيلم الدرامي الصادر عام 1958 جسد "أباظة" دور "صابر" ذلك الاسم الرامز إلى تفاصيل شخصية الشاب الصبور الذي يعاني من كره والده له وتفضيل أخيه غير الشقيق عليه "شكري سرحان"، ويحاول صد محاولات زوجة أخيه الساعية إلى إغوائه لكنه يرفض.
الحالة الإبداعية الخاصة التي جسدها رشدي أباظة في الفيلم، جعلت مخرجه يدرك أنه كان على صواب بعد أن بدل قبل تصوير الفيلم أدوار النجمين "أباظة" و"سرحان"، إذ كان من المقرر أن يجسد الأول دور الفتى المدلل بينما يؤدي الأخير دور الشاب الجاد.
كان عز الدين ذو الفقار يحب أداء النجم رشدي أباظة ويعتبره من أبرز ممثلي جيله، وقادر على تطويع أدائه في مختلف الشخصيات، لذا قدمه في دور "عصمت كاظم" بفيلمه الشهير "الرجل الثاني" الصادر عام 1959 ويعد أحد أبرز الأفلام في تاريخ السينما المصرية، وأيضًا في مسيرة رشدي أباظة الذي كان يعتز كثيرًا بهذا العمل، حسبما قال في عدة لقاءات تلفزيونية.
"نجم النجوم" هكذا كان المنتجون يضعون على الملصقات الدعائية وشارات البداية في الأفلام السينمائية، ليصفوا بها رشدي أباظة، الذي واصل في مشواره تقديم أدوار وشخصيات مميزة وبعيدة عن دور الرجل الوسيم معشوق النساء، ومنها فيلم "واإسلاماه" في دور الشخصية التاريخية بيبرس، وأيضًا "في بيتنا رجل" مجسدًا دور عبدالحميد زاهر الذي يرغب في الزواج من قريبته سامية ويفاجأ بوجود الطالب الثائر "إبراهيم" في منزل العائلة.