من الملعب إلى المسرح.. «داعش» يضرب في «مقتل» باريس
الهجمات الإرهابية التي شهدتها باريس ليلة الجمعة 13 نوفمبر، كانت منسقة للغاية، وحسب ما قاله الرئيس فرنسوا هولاند، هذه الاعتداءات هي الأكثر دموية فى تاريخ فرنسا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، لذا اعتبرها عملا حربيا، وأعلن حالة الطوارئ والحداد الوطني، لكن يظل التنسيق والتخطيط وكيفية التنفيذ واختيار أماكن التفجيرات مسألة معقدة تحرم عيون "فرنسوا" ورجاله النوم، ففي توقيت واحد تقريبا دوت 6 انفجارات هزت شوارع العاصمة الفرنسية، والسؤال هنا، لماذا استهدف منفذي العملية الإرهابية في باريس المناطق 10، 11، 18، بالتحديد، وهل كانت هناك رسالة ما أرادوا توصيلها إلى "فرانسوا" بتنفيذ إحدي العمليات بالقرب من ستاد "دي فرانس" الذي كان يشهده مبارة ودية بين ألمانيا وفرنسا، وكان يحضرها الرئيس الفرنسي..؟!
الإجابة كانت واضحة إلى حد كبير في خطاب تنظيم "داعش" الذي أعلن فيه مسئوليته عن الحادث، إذ اختاروا "غزوة باريس" اسم للعملية، التي كان هدفها نصرة النبي وتطهير عاصمة العهر والرذيلة، لأن باريس تصدرت ركب الحملة الصليبية وضربت المسلمين في سوريا، وفقا لما جادء في البيان.
لهجة الخطاب أظهرت، أن الهجمات انطلقت بصورة متزامنة في عدة مناطق من باريس، وأن 8 من أعضاء التنظيم الإرهابي فجروا أنفسهم بعدما نفدت ذخيرتهم، أما بخصوص الأهداف التي تنوعت بين بارات ومطاعم ومسارح وملاعب، قد يكون من الخطأ أن نقول "داعش" أرسلت رجالها لتفجير بار ومسرح في حين أن أروربا كلها مسارح وبارات، لكن أهمية الشوارع والمناطق نفسها كانت كلمة السر في سلسلة الهجمات التي استهدفت مواقع في مختلفة في العاصمة الفرنسية.
مسرح باتكالان
مسرح باتاكلان، يقع في 50 بولفار فولتير في الدائرة 11 في باريس، صممه المعماري تشارلز دوفال، عام 1864، ويشير اسمه إلى أوبريتا لجاك أوفنباخ.
تأسس مسرح باتاكلان كمقهى غنائي على طراز صيني، إذ ضم مقهى ومسرحا في الطابق الأرضي وصالة رقص في الطابق الأول، وعقدت فيه حفلات موسيقية كثيرة، لكنه كان مشهورا أكثر بتقديم فودفيلات ليوجين سكرايب وجان فرانسوا بايارد وميلسفيله ودمورسان.
ليلتها كان العرض لفرقة "أيجلز أوف ديث" للميتال حضره 1500 شخص، وقبل نهاية العرض، تسرب 3 مسلحين غير ملثمين إلى داخل المسرح وبدأوا في إطلاق النار بشكل عشوائي على الحاضرين، واستمر اطلاق الرصاص من 10 دقائق إلى ربع ساعة، بحسب صحفي قناة "أوروب أ" الذي كان متواجدا داخل المسرح، بالإضافة إلى أن نحو 100 شخص قتلوا هناك، ومثلهم احتجزوا كرهائن في المبني.
وانتشر الرعب بين الحاضرين وحاول الجميع الهرب، غير أن التخبط بين الحاضرين أعطى المسلحين الوقت لتعبئة أسلحتهم بالرصاص 3 مرات بحسب الصحفي، في حين ذكرت مصادر أن أحد المسلحين كان بحوزته بنادق إيه كيه-47، وقنابل يدوية، الأمر الذي جعل القوات تؤجل هجومها.
هجوم ملعب فرنسا
في الوقت نفسه تقريبا الذي بدأ فيه هجوم المسرح، وقع انفجار في الساعة بالقرب من ملعب فرنسا في سان دوني، والأخيرة من ضواحي باريس، وتبعد حوالي 9.4 كيلومترات من وسط العاصمة الفرنسية، يوجد فيها ملعب فرنسا الكبير الذي بني عام 1998، وكذلك تقع فيها أغلب أضرحة ملوك فرنسا في كاتدرائية سان دوني.
خلال عام 1990، بدأت المدينة في النمو والتوسع وذلك بسبب الهجرة الكثيفة إليها, و في عام 1998 استضافت بطولة كائس العالم لكرة القدم على الملعب ذاته.
وسمعت على الهواء مباشرة أثناء مباراة كرة قدم ودية بين منتخب فرنسا ومنتخب ألمانيا، ووقع أنفجاران آخران أمام بوابات الملعب، وتم على الفور إجلاء الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي كان يتابع المباراة، وكذلك وزير الداخلية برنار كازنوف، ووزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، وأُغلقت كل مداخل الاستاد.
وأسفرت التفجيرات عن مقتل أربعة أشخاص "بينهم ثلاثة مسلحين" شاركوا في الهجمات، وأكدت المصادر أن واحدا على الأقل من الانفجارات التي سمعت نتج عن انتحاري فجر نفسه.
مأساة شارع شارون
من بين المواقع التي كانت مسرحا لهجمات باريس، شارع شارون المشهور بالعاصمة الفرنسية، والذي سبق أن شهد أيضا يوم 8 فبراير 1962 مجزرة تمثلت في مقتل 9 مناضلين شاركوا في مسيرة للمطالبة باستقلال الجزائر.
ويقع الشارع على مسافة قريبة شرق مسرح باتاكلان، إذ شهد مقتل 18 شخصا، كما استهدف الهجوم مطعما يابانيا ومقهى في المنطقة نفسها.
شارع أليبار
في شارع "ألبيار" شمال باريس، فتح مسلح النار على بار "Le Carillon" عند تقاطع شارعي "بيشا" و"أليبار"، ومطعم "لو بوتي كامبودج" المقابل، وأدى الحادث إلى مقتل 14 شخصا، وإصابة 10 آخرين حالتهم حرجة، وبحسب شهود عيان فإن إطلاق النار جاء من سيارتين.
فونتان أوروا
على بعد مئات الأمتار من مسرح باتاكلان فتح مسلح النار في شارع لافونتان أوروا على مطعم "لا كازا نوسترا"، ما أدى إلى مقتل 5 أشخاص برصاص سلاح رشاش، وإصابة 8 حالتهم حرجة.


