مدينة الميلاد «بلا عيد».. الحزن يملأ بيت لحم

فيما يحتفل العالم بعيد الميلاد كانت بيت لحم «مدينة الميلاد»، بلا أي مظاهر احتفال أو فرح مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

واقتصرت الاحتفالات على المراسم الدينية، في وقت غاب فيه عشرات آلاف الحجاج الذين كانوا يتوافدون سنويا إلى مدينة بيت لحم للمشاركة في احتفالات الميلاد.

وبخلاف السنوات السابقة، حيث كانت بيت لحم تزهو وتزدان محالها وشوارعها لهذه المناسبة، فإنها هذا العام بدت حزينة للغاية.

وقال حنا حنانيا، رئيس بلدية بيت لحم "في موسم الأعياد المجيدة والمليء بالأمل، تقف بيت لحم بقلوب ثقيلة تنعى الأرواح التي فقدت وتشهد على أفعال الإبادة والتطهير العرقي في قطاع غزة والتي تهدد وجودنا في فلسطين".

وأضاف: "إن قيم المحبة والسلام والعدالة وهي جوهر عيد الميلاد ترنو في داخلنا بعمق (..) في هذا الوقت الصعب نتوجه إلى الأصدقاء في العالم أن ينضموا إلينا في نداء جماعي من أجل الرحمة والعدالة وتحقيق سلام دائم".

وتم في مدينة بيت لحم افتتاح مغارة الميلاد تحت القصف.

وقال حنانيا للصحفيين: "هنا غزة حاضرة، فالمغارة ليسَت عادية فهي مدّمرة بفعل القصف، بينَ جدرانِها تحتضن العائلة المقدسة من خلال شكلها الذي يماثلُ خارطة غزة، والأطفال الذين ارتقوا شهداء كالملائكة تنظر من السماء، وضوء المغارةِ هنا خافت جداً بسبب القصف والموت، وفي الوسط تحتضن مريم العذراء الطفل يسوع، مُعلَنةً الحياة الجديدة للبشريةِ جمعاء".

وأضاف: "العمل الفني الذي أبدع فيه الفنان الفلسطيني من مدينة بيت ساحور طارق سلسع يُصور فكرة معاناة العائلة المقدسة، أول عائلة فلسطينية لاجئة عانت هي أيضاً من القهر والرفض والتهجير وتعرضت لأولى النكبات التاريخية عند هروبها إلى مصر بعد ولادة السيد المسيح، حيث تم استخدام كل شخصيات الميلاد التاريخية لتصوير المشهد الإنساني مع المشاعر والرسائل التي لن تستطيع التعبير عن الدمار الضخم والإبادة الممنهجة ضد الشعب الفلسطيني من قبل الاستعمار وكل حلفائه على مر العصور واختلاف الحقب الزمنية".

وتابع حنانيا: "كلّ شيء استثنائي هذا العام، إذ يحلّ عيد الميلاد المجيد في ظلّ ظروف صعبة جداً، راح ضحيتها الآلاف بين قتيل وجريح وتشريد المواطنين في غزة، وبيت لحم، ولأول مرةٍ لا توضع شجرة الميلاد، ولن تضيء شوارع بيت لحم، وسيقتصر العيد على الشعائر الدينية فقط، هو التزامٌ أخلاقي ووطني، فشلال الدمِ يغيّب أيّ إمكانية للفرح".

وأردف عمدة بيت لحم "كلي يقين بأنّ نجمة بيت لحم ستضيء فوق غزة لتعطيها أملاً ورجاءً على الرغم من الدمار، وتُعطيها حياة رغم الموت، فنحن الفلسطينيون أبناء الحياة، وسنبقى كذلك".

وبدأت المراسم بانطلاق المجموعات الكشفية إلى ساحة كنيسة المهد في وسط المدينة، ومن ثم رفع علم فلسطين وتدشين "الميلاد تحت الأنقاض" في الساحة.

ولاحقا جرى استقبال البطريرك بيير باتيسنا بيتسابالا بطريرك القدس للاتين، الذي وصل إلى المدينة من القدس، ضمن المراسم السنوية.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قال في رسالة لهذه المناسبة: "يأتي ميلاد السيد المسيح هذا العام، ومدينة الميلاد بيت لحم تعيش حزنا لم تره قبل هذا اليوم، قوى الاحتلال تبطش وتقتل أطفال فلسطين، وتختطف الابتسامة البريئة من وجوه الأحياء منهم، حيث لم يسلم أحد من أبناء شعبنا، النساء، والرجال، وكبار السن من هذا القتل والإرهاب ومحاولات التهجير القسري وتدمير الآلاف البيوت، ما يذكرنا بما حدث في نكبة عام 1948".

وأضاف: "ونأمل أن تأتي ذكرى الميلاد ومعها بداية عام جديد، ومعه يتجدد الأمل وتتجدد الحياة وتنهزم قوى الشر".

وتابع: "هنا أقول لأبناء شعبنا ولعائلاتنا التي تتخذ من الكنيسة في غزة ملجأ لها، والذين لم يسلموا من همجية العدوان الإسرائيلي، ولجميع أبناء غزة، بأن عذاباتكم، وعذابات شعبنا في الداخل والخارج لن تذهب سدى، وأن شمس الحرية والدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية آتية لا محالة، بل إنها قاب قوسين أو أدنى".

وأردف الرئيس الفلسطيني "فنهر الدماء والتضحيات الجمة والعذابات والصمود البطولي لشعبنا على أرضه هو الطريق نحو الحرية والكرامة، ولقد طال القصف الوحشي الذي ارتكبه الاحتلال، المستشفى الإنجيلي المعمداني في غزة، والمركز الثقافي الأرثوذوكسي، وقاعة كنيسة الروم الأرثوذوكس، وكنيسة العائلة المقدسة، إلى جانب المساجد، والمدارس، والمستشفيات".

واستطرد "لم يفرق القصف بين مسلم ومسيحي، وكذلك طال العدوان الوجود المسيحي، وجميع أبناء شعبنا ومقدساتنا الإسلامية والمسيحية في القدس والضفة الغربية، ومن هنا أعزي نفسي، وعائلات الضحايا جميعا، ونشد على أيديهم جميعا ونقول لشعبنا، إن فجر الحرية والدولة قادم لا محال".

 

التعليقات