رجل "السلام والإنسانية".. رحلة صعود كارتر من "مزارع الفول" للبيت الأبيض وحكايات سنين "الحُكم وَبَعْدُه"
توفي الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، الحائز على جائزة نوبل للسلام، عن عمر يناهز الـ100 عام، ليصبح بذلك أكبر رئيس أمريكي سابق سنًا في تاريخ الولايات المتحدة.
ووصف نجله تشيب كارتر والده الراحل، بحسب شبكة "سي بي إس نيوز"، بأنه كان بطلًا بالنسبة لمن آمنوا بالسلام وحقوق الإنسان والحب غير الأناني، مشيرًا إلى أنه بسبب معتقداته المشتركة كان العالم هو عائلتهم بسبب الطريقة التي كان يجمع بها الناس.
ومن المنتظر أن تقام مراسم جنازة عامة في أتلانتا وواشنطن العاصمة، تليها مراسم دفن خاصة في بلينز بولاية جورجيا، بحسب مركز كارتر. وفي التقرير التالي نرصد أبرز المعلومات عن الرئيس الأمريكي الراحل.
وُلِد جيمس إيرل كارتر الابن في الأول من أكتوبر عام 1924 في بلينز، حيث كان ابنًا لمزارع فول سوداني، وفي الأكاديمية البحرية الأمريكية، درس العلوم النووية وتخرج بامتياز في عام 1946، وتزوج في نفس العام من روزالين سميث، وهو الزواج الذي دام لأكثر من سبعة عقود.
أكمل كارتر تدريبه على الغواصات، بحسب الشبكة الأمريكية، وخدم في البحرية لمدة سبع سنوات قبل أن ينتقل إلى جورجيا لإدارة مزرعة الفول السوداني العائلية، وقام هو وروزالين زوجته بتربية أربعة أطفال بينما تحول تركيزه المهني من الزراعة إلى السياسة.
جيمي كارتر عندما أصبح رئيسا يسير بين الشعب
بعد ثماني سنوات قضاها في مناصب الدولة، انتُخِب كارتر الديمقراطي، حاكمًا لولاية جورجيا في عام 1970، وكانت أجندته محملة بالمساواة العرقية والقيم التقليدية، في وقت كانت فيه أمريكا بحاجة إلى الاستقرار.
وفي عام 1976 ـ عام الذكرى المئوية الثانية لتأسيس أميركا ـ هزم كارتر الرئيس جيرالد فورد ليصبح الرئيس التاسع والثلاثين للولايات المتحدة، في أعقاب فضيحة ووترجيت التي أطاحت بالرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون.
أصبح كارتر رئيسًا لأمريكا، وفي يوم تنصيبه سار آل كارتر في الهواء الطلق في طريق موكب التنصيب، مما وصفوه بأنه إثبات على أنهم من الشعب.
ووفقا للشبكة، كان صعوده إلى البيت الأبيض عن طريق حسه الأخلاقي القوي، وعقليته الهندسية ونهجه التقدمي المعتدل.
خلال فترة حكمه عمل كارتر على تنمية العلاقات في واشنطن، ودخل في عداوة علنية مع زعماء الحزب الديمقراطي في الكونجرس، وحقق عدة إنجازات منها إنشاء وزارتي الطاقة والتعليم، وأقام علاقات دبلوماسية رسمية مع الصين، وأعاد السيطرة على قناة بنما إلى البنميين.
كارات خلال أعماله الخيرية
يرى المراقبون أن أعظم إنجازاته هي معاهدة السلام التاريخية بين مصر والاحتلال الإسرائيلي، المعروفة باسم اتفاقيات كامب ديفيد، حيث قال وقتها جملة شهيرة: “ليسجل التاريخ أن العداء العميق والقديم يمكن تسويته من دون إراقة دماء ومن دون إهدار مذهل للأرواح الثمينة".
وعلى الرغم من ذلك، واجه كارتر أزمات هائلة خلال فترة رئاسته، ووفقًا لشبكة إي بي سي نيوز كانت أبرزها أسعار النفط المرتفعة للغاية، وأسعار الفائدة المزدوجة، والتضخم وأزمة الرهائن في إيران، وكان فشله في معالجة هذه الأزمات بشكل فعال سببًا في فشل إعادة انتخابه عام 1980.
وبعد خروجه من البيت الأبيض كرس كارتر العقود التي تلت ذلك لتحسين حياة عدد لا يحصى من الناس في جميع أنحاء الولايات المتحدة وحول العالم، واتسمت جهوده بالعمل من أجل السلام، حيث أصبح شخصية دبلوماسية مهمة.
بعد تركه منصبه في عام 1981، أصبح كارتر شخصية دبلوماسية مهمة، حيث نجح في تأمين إطلاق سراح السجناء السياسيين في نيكاراجوا في عام 1986، والأمريكي أيجالون جوميز من كوريا الشمالية في عام 2010. كما عمل كمفاوض مع كوريا الشمالية أثناء إدارة كلينتون، بل وعرض خدماته على الرئيس ترامب آنذاك في محادثات مع كوريا الشمالية.
كارتر وزوجته روزالين
أسس كارتر مع زوجته روزالين مركز كارتر في عام 1982، ومن خلال عمل مركز كارتر، كرس نفسه لمنع الصراعات العالمية وحلها، وتعزيز الحرية والديمقراطية، وتحسين صحة ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم.
في عام 2002، حصل كارتر على جائزة نوبل للسلام تقديرًا لعمله في تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان من خلال مركز كارتر، كما عمل لعقود مع منظمة هابيتات فور هيومانيتي لبناء منازل للمحتاجين، وظل نشطًا في بناء المنازل مع المنظمة لعقود من الزمن.
أعلن كارتر في أغسطس 2015 أنه تم تشخيص إصابته بالسرطان، وتم علاجه بدواء مناعي جديد وحقق تعافيًا ملحوظًا. وفي مايو 2019، عانى من انتكاسة صحية أخرى، حيث سقط وتعرض لكسور، وفي نوفمبر 2023 فقد زوجته روزالين عن عمر 95 عامًا، وكان تم تشخيصها بالخرف.
كان كارتر يتلقى رعاية المسنين في منزله لمدة عامين تقريبًا بعد سلسلة من الإقامات القصيرة في المستشفى، وفي فبراير 2023 قرر قضاء الوقت المتبقي له في المنزل مع عائلته وتلقي رعاية المسنين بدلًا من التدخل الطبي الإضافي، إلى أن تم إعلان وفاته.