هل السيسي يحب القراءة؟ .. الرؤساء والثقافة .. محبة أم عداوة؟

لم يشتهر عن الزعماء العرب شغفهم بالثقافة، اللهم إلا قليلا. عبدالناصر مثلا كان يهوى القراءة في السياسة، وبالفعل كتب نصف رواية سياسية، لم يكملها، أما السادات فكان دائم القراءة قبل وصوله إلى كرسي الرئاسة، لكن يبدو أن مشاغل مصر أبعدته عنها، لكنها لم تبعده عن الكتابة، فألف كتابين مهمين، الأول اسمه "يا ولدي هذا عمك جمال"، و"البحث عن الذات"، فالأول يروي قصة حياة عبدالناصر، والثاني أشبه بسيرة ذاتية، أما محمد نجيب فله كتاب بعنوان "كنت رئيسا لمصر".
كما اشتهر الراحل القذافي بولعه الشديد بالثقافة، وحبه للأدباء والفنانين، حتى أنه كان يتحمل نفقات سفرهم إلى ليبيا لمجرد الجلوس معهم، وله بالتأكيد كتاب شهير بعنوان "الكتاب الأخضر" الذي صار بمثابة الدستور، في ليبيا قبل الربيع العربي.
صدام حسين أيضا له تجارب كثيرة مع القراءة والكتابة، لكنه كان يستخدم لقاءاته بالمثقفين العرب سياسيا، وكتب كتابا أشبه بسيرة أيضا، ولكن في الفترة التي سُجن فيها بعد الغزو الأمريكي للعراق.
لم يشتهر عن مبارك ولا مرسي أو السيسي أي شغف بالقراءة، وكذلك حكام الخليج الحاليين والسابقين، فضلا عن حكام المنطقة في فترة ما بعد مايسمى بالربيع العربي، وفي الوقت الذي كان معاصرو الرئيسين عبد الناصر والسادات يقولون أنهما أشتهرا بحب القراءة ومتابعة الأدب أو السينما أحياناً، فالمؤكد أن مبارك جاء من بعدهما كارهاً للثقافة وساخراً من المثقفين أحياناً في المرات القليلة التي ذهب فيها إلى معرض الكتاب. أما الرئيس السيسي فليس معروفاً عنه اهتمامه بقراءة أنواع معينة من الأدب أو الشعر أو الاهتمام بقضايا الثقافة العامة والمقربون منه يؤكدون حبه للقراءات الدينية عموماً.
في الخارج ربما الأمر مختلف قليلا، فمعظم الرؤساء لديهم ولع بالقراءة، كما أن الكثير منهم له مؤلفات أغلبها عن سيرتهم الذاتية، ولعل أشهرها بالطبع كتاب "كفاحي" لهتلر، ومذكرات جيمي كارتر، وما كتبه الرئيس البرازيلي لولا دي سيلفا عن نفسه.
الرؤساء الأمريكيين أيضا مولعين بالقراءة والمعرفة، ففي حواره مع مجلة بيبول اختار الرئيس الأمريكي أوباما رواية "أقدار وغضبات" للروائية الأمريكية لورين جروف باعتبارها كتابه المفضل، وهي رواية غير سياسية بالمناسبة، إنما تناقش قصة زواج تبدو مثالية، لكن نكتشف بمرور صفحات الكتاب من خلال سرد ما يمثله الزواج لكل زوج على حدى، أنه ليس زواجا سعيدا.
يذكر أن أوباما قد أصدر كتابا بعنوان "أحلام من أبي: قصة عرق وإرث"، وهي مذكرات الرئيس الأمريكي والتي نـُشرت لأول مره عام 1995 بعد أن تم أنتخاب أوباما كأول رئيس من أصل أفريقي لمجلة هارفرد للقانون، وترجمت الكتاب إلى العربية مؤسسة "كلمات عربية للترجمة والنشر"
يشتمل الكتاب على ثلاثة أبواب، الأول بعنوان "جذور" ويضم 6 فصول، أما الباب الثاني بعنوان "شيكاغو" ويحتوي على 7 فصول، والباب الثالث بعنوان "كينيا" ويضم 6 فصول.
كما يروي أحد الكاتب الأمريكيين أنه عندما ذهب الى الرئيس كلينتون لإجراء مقابلة صحفية معه في البيت الابيض فاجأه كم الكتب الهائل الذي سبب مشكلة في المكتب، حيث لا يوجد فراغ الا ويشغله كتاب، وعندما سأل الكاتب، الرئيس كلينتون عن رأيه في الانتخابات الجارية (حيث كانت وقتها الأزمة مشتعلة بين بوش وآل جور)، استشهد كلينتون، بكتاب السيرة الذاتية لجين إدوارد سميث الذي قال إن هذه لم تكن المرة الاولى التي تواجه فيها الولايات المتحدة الامريكية هذه الأزمة.
ويُقال أيضا أن الرئيس فرانكلين روزفلت كان سريعاً للغاية في القراءة، لكن ليس على طريقة جيمي كارتر الذي كان يقرأ ألفي كلمة في الدقيقة. كانت مكتبة روزفلت تحتوي على 15 ألف مجلد جعلته صاحب الرقم الأكبر في عدد مقتنياته من الكتب، يأتي بعده توماس جيفرسون بعدد كتب قدره 6500 كتاب، ثم ميلارج فيلمور 4000 كتاب، وجورج واشنطن بـ 1000 كتاب.
اشتهر أيضا عن الرئيس البوسني السابق علي عزت بيجوفيتش أنه كان يهوى القراءة، بل أنه أيضا ألف العديد من الكتب، ولعل أشهر ما ألفه هو كتاب "الإسلام بين الشرق والغرب"، والذي يعد تجميعًا من الكاتب لأفكاره ورؤيته الخاصة للدين والفلسفة والسياسة والفن، وترجم الكتاب للعربية الدكتور محمد يوسف عدس ونشر لأول مرة عام 1994 بمقدمة كتبها الدكتور عبد الوهاب المسيري.
أما الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك فكانت هوايته الكتابة، وأصدر بالفعل كتابا يحتوي على مذكراته في نوفمبر 2009، يتحدث شيراك في مذكراته عن همومه الشخصية في دائرة أسرته وعلاقته بزوجته وابنته المريضة لورانس، كما يعرض جزءًا من علاقته بالرؤساء في الغرب والشرق الأوسط، وتحدث عن الرئيس العراقي صدام حسين قائلًا "هذا الرجل يبدو بالنسبة لي ذكيًّا، لا يخلو من حس الفكاهة، باختصار كان لطيفًا. كان يستقبلني في منزله، ويعاملني كصديق شخصي له. ويبدو جليًّا دفء ضيافته (…). وبعد سنوات عندما علمت بجنون القمع الذي سيطر على هذا الديكتاتور، قطعت نهائيًّا أي اتصال شخصي معه. إلا أن هذا لم يمنعني من الإصابة بصدمة بسبب المصير النهائي الذي وصل إليه، طريقة الموت تلك التي دبرت له بنفس الهمجية التي كان قد سبق واتهم بها".
أما نهرو، أول رئيس وزارء للهند بعد استقلالها عن بريطانيا، فكتب كتابا بعنوان "اكتشاف الهند" عام 1946 قبل توليه المنصب بأقل من سنة، وصدر الكتاب في جزأين، وقدم نهرو فيهما سيرته الذاتية من خلال تاريخ الهند منذ اكتشافها، وكان نهرو قد كتب هذا الكتاب خلال فترة سجنه التي قضاها بسبب معارضته لاشتراك الهند في الحرب العالمية الثانية. وترجم الكتاب للعربية ونشر عام 1961.

التعليقات