صيف "مُفخخ بالمفاجآت".. أسرار الفوضى المناخية في مصر

من حرارة تلامس الـ50 درجة في الجنوب، إلى زخات برد مفاجئة في الشمال، مرت مصر خلال أسبوعين بتقلبات جوية حادة.

تكشف هذه التقلبات عن وجه جديد لصيف مصر المعتاد، إذ يؤكد خبراء الأرصاد أن هذه الظواهر ليست مجرد مصادفات موسمية، بل علامات واضحة على تغير مناخي آخذ في الترسخ.

قُبة حرارية تحاصر البلاد

وتأثرت مصر في يوم السبت 17 مايو 2025، لأول مرة هذا العام بظاهرة القبة الحرارية، وهي حالة نادرة تنتج عن تمركز مرتفع جوي قوي في طبقات الجو العليا، يؤدي إلى انضغاط الهواء وتسخينه بشكل كبير.

ومع ثبات هذا المرتفع، تحول الجو في أغلب مناطق الجمهورية إلى كتلة من اللهب، وصلت معها درجات الحرارة في بعض المناطق الجنوبية، مثل أسوان، إلى عتبة الـ50 درجة مئوية، بينما سحلت القاهرة وشمال الوجه البحري نحو 44 درجة مئوية.

ويصف المختصون من مركز طقس العرب هذه الظاهرة بأنها "غطاء جوي ساخن يعمل كغطاء الوعاء المغلي"، إذ يمنع تسرب الحرارة ويعيد تدويرها داخل الغلاف الجوي السفلي، ما يؤدي إلى طقس خانق ومرهق، خاصة مع الجفاف وفقدان التربة للرطوبة.

رعد وبرَد مفاجئ في الشمال

وبعد أقل من أسبوعين، وتحديدا يوم الجمعة 30 مايو 2025، باغتت عاصفة رعدية عنيفة مدينة الإسكندرية ومناطق أخرى في شمال مصر، حيث سقطت زخات كثيفة من البَرَد تراكمت على الأرض، ما دفع البعض إلى تداول مقاطع مصوّرة على مواقع التواصل الاجتماعي يعتقدون أنها تساقطات ثلجية.

إلا أن الخبراء نفوا هذا التوصيف، مؤكدين أن ما حدث هو نتيجة لعبور جبهة هوائية باردة رافقتها سحب ركامية ونشاط رعدي، في ظل درجات حرارة منخفضة في طبقات الجو العليا، ما هيأ الظروف لتساقط البَرَد بغزارة.

وجه التغير المناخي في مصر

ويعلق الدكتور خالد فتحي، خبير المناخ والبيئة على هذا التناقض قائلًا: "ما نشهده في مصر من تقلبات جوية حادة بين الحر الشديد والبرد المفاجئ ليس مجرد اضطراب عابر، بل سمة من سمات تغير المناخ العالمي، فهناك اختلال في توزيع الكتل الهوائية على كوكب الأرض، وانزياح لأنماط الطقس التقليدية التي اعتدنا عليها، فما كان يُعد نادرا أصبح أكثر تكرارا".

وأضاف أن المناطق الحضرية، مثل القاهرة، تُفاقم تأثير القبة الحرارية نتيجة كثافة المباني والأسفلت الذي يخزن الحرارة، بينما تصبح المناطق الشمالية الساحلية أكثر عرضة لتغيرات مفاجئة في حالة الجو بفعل التيارات الهوائية العابرة للبحر المتوسط.

ويتوقع فتحي أن يكون صيف 2025 أحد أكثر المواسم تطرفا مناخيا خلال السنوات الأخيرة في المنطقة العربية بشكل عام، ويدعو إلى اتخاذ التدابير اللازمة، سواء فيما يخص الصحة العامة أو شبكات الكهرباء والمياه، تحسبا لتكرار موجات الحر والرعد بشكل غير متوقع.

 

التعليقات