
الإنسانية تسيطر على افتتاح "مهرجان كان".. تحية لروح الفلسطينية فاطمة حسونة
انطلقت فعاليات الدورة الـ78 من مهرجان كان السينمائي وسط أجواء احتفالية، لكن الإنسانية كانت الحاضر الأقوى، متجاوزة في تأثيرها بريق النجوم على السجادة الحمراء وحتى فيلم الافتتاح ذاته.
الأنظار كلها اتجهت إلى فلسطين بعد أن خصت رئيسة لجنة التحكيم، النجمة الفرنسية جولييت بينوش، الحضور بكلمة مؤثرة استحضرت فيها الحرب في غزة وتغير المناخ وقضايا إنسانية أخرى، لتقول: "أمام هذه العواصف، يجب أن نلد اللطف"، وخصّت بالذكر المصورة الصحفية الفلسطينية فاطمة حسونة، موجهة تحية إلى روحها مؤكدة أن "الفن يبقى.. فهو الشهادة القوية على حياتنا وأحلامنا".
فاطمة حسونة، التي قُتلت في غارة جوية إسرائيلية الشهر الماضي، هي محور الفيلم الوثائقي "ضع روحك على يدك وامشِ"، الذي سيعرض لأول مرة في كان يوم الخميس المقبل، لذا تذكرتها بينوش قائلة: "كان ينبغي أن تكون معنا الليلة".
وأضافت رئيسة لجنة التحكيم: "في كل منطقة من مناطق العالم، يناضل الفنانون يوميًا ويُحوّلون المقاومة إلى فن".
لم تكن جولييت بينوش الوحيدة التي حملت هم السياسة على كتفيها، ولكن أيضًا النجم الأمريكي روبرت دي نيرو، الذي خَطف الأضواء بتكريمه الخاص وتسلمه السعفة الذهبية الفخرية من يد ليوناردو دي كابريو.
ظهور دي نيرو لم يكن فقط لحظة فنية مميزة، بل تحول إلى لحظة سياسية لافتة، حيث صعد إلى المسرح ووجّه انتقادات لاذعة للرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، واصفًا إياه بـالرئيس المتعجرف، وعدو الفن، وداعيًا إلى الاحتجاج والتنظيم للدفاع عن الديمقراطية، حسبما ذكرت صحيفة "فارايتي".
وقال دي نيرو: "في بلدي، نناضل بشراسة من أجل الديمقراطية التي كنا نعتبرها أمرًا مسلمًا به، وهذا يؤثر علينا جميعًا هنا لأن الفنون ديمقراطية، والفن يجمع الناس، كما يحدث الليلة. يبحث الفن عن الحقيقة، ويحتضن التنوع، ولهذا السبب يشكّل الفن ونحن تهديدًا للمستبدين والفاشيين".
ثم ذكر "دي نيرو" اقتراح ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على جميع الأفلام المنتجة خارج الولايات المتحدة، الذي أعلن عنه قبل أسبوع من المهرجان، وقال النجم السينمائي: "دعونا نستوعب هذا الأمر قليلاً، لا يمكن تسعير الإبداع، لكن يبدو أنه يمكن فرض رسوم عليه".
وأضاف دي نيرو: "بالطبع، هذا غير مقبول كل هذه الهجمات غير مقبولة، وهذه ليست مشكلة أمريكية فحسب، بل مشكلة عالمية، وكما هو الحال في الأفلام، لا يمكننا جميعًا أن نجلس مكتوفي الأيدي ونشاهد، علينا أن نتحرك الآن. بدون عنف، ولكن بشغف وعزيمة كبيرين. لقد حان الوقت لكل من يهتم بالحرية أن ينظم نفسه ويحتج، وعندما تعقد انتخابات، أن يصوّت بالطبع".
وبعيدًا عن السياسة نال المخرج الأمريكي ديفيد لينش تحية خاصة على مسيرته السينمائية، ليؤكد المهرجان مجددًا مكانته كمساحة للتقدير الفني، وإن بدت هذه السنة مشحونة أكثر بالمواقف من القضايا.
على السجادة الحمراء، حضر فائزون سابقون بالسعفة الذهبية مثل كوينتين تارانتينو وشون بيكر، ومشاهير مثل إيفا لونجوريا وجوليا جارنر وهايدي كلوم وأليساندرا أمبروسيو، بينما غاب توم كروز رغم وجوده في المدينة لعرض فيلمه الجديد Mission: Impossible – The Final Reckoning "مهمة مستحيلة.. الحساب النهائي".
وعُرض في حفل الافتتاح الفيلم الفيلم الكوميدي الموسيقي الفرنسي Partir un Jour "اترك يومًا واحدًا"، للمخرجة أميلي بونين.