حرية الصحافة!

لم يكن من الصعب علىّ أن أختار الموضوع الذى أبدأ به اليوم (الأحد 16/ 10) كتابة هذا العمود «كلمات حرة» هنا، بعد أن اعتدت كتابته لأكثر من أربع سنوات فى «الأهرام»، وتحديدا منذ 22 إبريل 2012، أى موضوع: «لماذا هذا الانتقال من الأهرام للمصرى اليوم»؟ ذلك حق أصيل للقارئ، وإحدى بدهيات العمل الصحفى الحر المفترض أن يسود فى أى مجتمع يسعى لأن يكون ديمقراطياً. ففى صبيحة الثلاثاء قبل الماضى (4/ 10) وبعد أن أرسلت كلمتى بعنوان «المدينة الفاضلة»، أكرر فيها الاعتراض على إنشاء ما يسمى العاصمة الإدارية الجديدة للنشر صباح الأربعاء، أبلغنى الزميل المشرف على صفحة الرأى بممارسة رئيس التحرير حقه فى رفض نشرها.

ولن أشغل القارئ بباقى التفاصيل التى باتت معروفة لمن يتابعها، فضلا عن أن المقال الذى حُجب عن النشر ظهر فى أكثر من صحيفة ورقية وإلكترونية. ولقد قيل لى من أصدقاء أعزاء كثيرين: لماذا لم تنحنِ للعاصفة وتستأنف الكتابة وكأن شيئا لم يكن، خاصة أن الكتابة فى الأهرام أمر طيب لا يصح التنازل عنه بسهولة؟ وكان ردى هو أن القضية ليست أبدا مجرد كتابة عمود صحفى، فضلا عن حق رئيس التحرير نظريا فى قبول أو رفض المواد المقدمة للنشر، وإنما هى المبدأ الذى أعتقد أنه انتهك من حيث الجوهر وهو حرية التعبير وحرية الصحافة.

وعندما تكون المفاضلة بين المصلحة والمبدأ، فإننى أعتقد أن المبدأ هو الأولى بالوفاء له والدفاع عنه. المصلحة مؤقتة وزائلة، ولكن المبدأ دائم وباق. والمبدأ هو «حرية الصحافة» التى تقع فى مقدمة حريات الرأى والتعبير التى توافقت عليها البشرية عبر تاريخها الطويل، والتى هى أحد مكتسبات الحضارة الإنسانية المعاصرة التى سجلتها «الماجنا كارتا» البريطانية، و«حقوق الإنسان» الفرنسية، ونصوص الدستور الأمريكى، والميثاق العالمى لحقوق الإنسان..

قبل أن تتسابق كل الدساتير الديمقراطية- بما فيها دستور مصر الثورة فى 2014- لتسجيلها والتأكيد عليها. وليس مما يشرفنا أبدا أن تكون مصر قد تراجعت إلى المرتبة 159 عالميا على مؤشر حرية الصحافة عام 2016، لا تليها إلا بلدان مثل ليبيا وسوريا وجيبوتى! إن الحرية للصحافة هى بمثابة الماء للسمك، فإذا انعدم الماء مات السمك، وكلما زاد نقاء الماء زادت حيوية وسلامة السمك! وبحثاً عن ماء نقى أسعد اليوم بالكتابة فى «المصرى اليوم» يومياً من الأحد إلى الخميس إن شاء الله.

التعليقات