من غدر التاريخ بالثورات

-1-

أثار مسلسل «واحة الغروب» للمبدعة كاملة أبوذكرى كثيرا من الشجن والحسرة لدى، فقد تم وأد الثورة العرابية، أهمٌ الثورات فى التاريخ المصرى الحديث، والتى لو كتب لها النجاح لغيرت مصير مصر السياسى والاجتماعى والاقتصادى، فقد ركزت على الحقوق السياسية والديمقراطية كشرط رئيسى لتحول المصريين من «رعايا» خاضعين إلى مواطنين أحرار، إذ إن هدف الثورة «الحرية والعدالة» كما ترجمها «عبدالله النديم» الثائر والسياسى فى خطاباته وكتاباته وأزجاله كرفيق نضال لعرابى، وقد تعرضت الثورة لأحكام تاريخية قاسية، معظمها اتهامات بالخيانة والتفريط، والتقليل والتهوين من نضال الشعب المصرى، تعرضت للخيانة من أطراف متعددة، خيانة بدو الصحراء الذين أطلعوا الإنجليز على مواقع الجيش المصرى، وخيانة بعض الضباط الذين ساعدوا على معرفة الثغرات فى الجيش المصرى، وإعلان السلطان العثمانى عصيان عرابى بتحريض من الإنجليز مما جعل الكثير من الأشخاص ينقلبون ضده، هذا بالإضافة لقوة أسلحة الإنجليز وعنصر المفاجأة الذى استخدموه فى معركة التل الكبير، آخر معارك الحرية، فقد فاجأ الإنجليز القوات المتمركزة فى مواقعها منذ أيام، والتى كانت نائمة وقت الهجوم الذى تم الساعة الواحدة والنصف صباحا، فلم تستغرق المعركة أقل من ثلاثين دقيقة، وألقى القبض على عرابى قبل أن يكمل ارتداء حذائه العسكرى، وعقب ذلك استسلمت حامية القاهرة، وكان ذلك بداية احتلال دام 74 عاما.

-2-

تم عقد محاكمة لعرابى وبعض قادة الجيش فى المعركة وبعض العلماء والأعيان وانعقدت محاكمته فى 3 ديسمبر 1882 وقضت المحاكمة بإعدامه، وخفف الحكم بعد ذلك إلى النفى مدى الحياة، وبالفعل تم نفى عرابى وزملائه إلى جزيرة سريلانكا، حيث استقر بمدينة كولومبو لمدة 7 سنوات، تم نقله بعدها مع رفيقه محمود سامى البارودى إلى مدينة «كاندى».

سبعة رجال من قيادات الثورة والجيش على سطح السفينة «مريوتس»، أبحرت بهم فى مغرب يوم حزين مكلل بالهزيمة إلى سيلان، ليطوى برحيلهم صفحات ملحمة الثورة العرابية، خرس صوتهم المجلجل فى قاعة البرلمان وفى الساحات الشعبية ووسط الجنود المصريين لحشد هممهم، رحلوا وفى أفواههم طعم الهزيمة وفى أبصارهم تراب الوطن الذى وارته الخيانة، وفى المنفى عانوا من الذل والغربة ووطأة الهزيمة وانكسار الحلم والعزلة عن أخبار الوطن، وعانوا من وهن الجسد والقلب.

-3-

تسعة عشر عاما قضاها عرابى فى المنفى هو والبارودى، ورفاقه، ومات عبدالعال حلمى هناك، ودفن فى كولومبو، ومحمود فهمى مات بعد سنتين، وطلبة عصمت صدر له ترخيص بالعودة إلى مصر لأسباب صحية ولكنه مات فور رجوعه، ويعقوب سامى مات قبل أن يبلغوه بقرار العودة لبلاده.

اعتكف عرابى قبل موته شهورا طويلة، بسبب حادثة وقعت له أصابته بالحزن والاكتئاب، فقد كان خارجا من المسجد الحسينى عقب صلاة العشاء، فإذا بشاب يبصق فى وجهه

صائحا «يا خائن»، مات عرابى ولم يكن فى بيته ما يكفى نفقات تجهيزه للجنازة والدفن، مات وحيدا إلا من بضع كلمات فى صحيفة تقول: «علمنا أن المدعو أحمد عرابى صاحب الفتنة المشهورة باسمه قد توفى أمس»، ألا يستحق كل ما ذكر أن يؤلف عنه سلسلة أعمال درامية، حتى تتعرف الأجيال الحاضرة والقادمة على الحقيقة.

حق مصر فى البحر الأحمر قد ضاع وأن مياهنا الإقليمية قد تقلصت من 10 كم إلى 2 كم

السياسة الاقتصادية الكارثية هى أحد أسباب المصيبة وأرجو ألا يتم استخدام غاز شمال الدلتا فى إكمال العاصمة الإدارية

التعليقات