السيارة مرسيدس تعود وترجع إلى الأمام!

هل عودة شركة «مرسيدس» لاستئناف نشاطها فى مصر هو مجرد زيادة فى عدد تلك السيارات باهظة الثمن التى يركبها الأثرياء فقط؟!

إذا فهمنا الأمر كذلك وروجنا له على هذا النحو فنحن ننظر من منظار ضيق جداً وزاوية رؤية مضللة جداً جداً، مرسيدس ليست مجرد شركة ولكنها فى هذه الحالة إشعاع ثقة ورسالة أمان ودعوة للعالم أجمع أن الاستثمار فى مصر واعد، فعودة شركة بتلك المكانة والضخامة والقوة هى اعتراف ضمنى للعالم بأن المناخ الاقتصادى قد تغير فى مصر وأن الثقة قد عادت، هذه الشركة لا تلقى برأسمالها فى الهواء والخواء وإنما تحسبها بالربع يورو، والشكر لا بد أن يوجه لكل من ساهم فى نجاح تلك المفاوضات، بداية من رئيس الجمهورية شخصياً، الذى أشرف بنفسه على كل تفصيلة فى المفاوضات مما منح مسئولى الشركة الاطمئنان والثقة، مروراً بوزارة الخارجية وزيراً وسفيراً، الوزير سامح شكرى بجولاته المكوكية والسفير بدر عبدالعاطى بدأبه وذكائه وعشقه الجارف لوطنه مصر.

وكانت شركة «مرسيدس- بنز» قد أصدرت بياناً باللغتين الإنجليزية والألمانية حول استئناف نشاط الشركة فى مصر وتضمن عدة عناصر: استئناف نشاط الشركة فى مصر من خلال خط إنتاج سيارات الركوب الذى سبق أن أعلنت «مرسيدس» عن وقف العمل به عام 2012/ دعم شركة «دايملر» لمصر فيما يتعلق بنقل خبراتها لمصر فى مجالات وسائل التنقل الحديثة، بما فى ذلك وسائل النقل الكهربائية والسيارات الكهربائية والقيادة الذاتية/ عرض الشركة تقديم خبراتها لمصر فيما يتعلق بالعاصمة الإدارية الجديدة وإنشاء المدن الذكية. كما تضمن البيان اقتباساً على لسان «ماركوس شيفر» يشير إلى أن «مصر تتمتع بموقع تنافسى جذاب بالنسبة للإنتاج والدعم اللوجيستى»، وهو ما يمثل شهادة مهمة جادة لمركز مصر التنافسى.

ولا شك أن لقاء السيد الرئيس بـ«ماركوس شيفر»، عضو مجلس إدارة شركة «مرسيدس»، فى 6 ديسمبر 2018، كان له الأثر الأكبر فى تذليل العقبات التى كانت تحول دون عودة الشركة، وما لمسه مسئول الشركة رفيع المستوى من مصداقية وثقة كبيرة فى حديثه.

وإذا كان إعلان شركة «مرسيدس» الخروج من السوق المصرية عام ٢٠١٢ والإغلاق النهائى لخط الإنتاج عام 2015 قد أثر بالسلب على مناخ الاستثمار فى مصر وعلى صورتها كدولة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، فإن عودة الشركة لاستئناف الإنتاج فى مصر سيكون لها دون شك تأثير إيجابى للغاية على مكانة مصر التنافسية وقدرتها على جذب الاستثمارات، الأمر الذى سينعكس بالإيجاب -طبقاً لما ذكره مسئول «مرسيدس» فى حديثه مع السفير المصرى بدر عبدالعاطى- على مستقبل تصنيف مصر طبقاً للمؤسسات المالية الدولية والتى تتابع بكل دقة أى إعلان يصدر عن شركة عملاقة بحجم شركة «مرسيدس- بنز» بشأن خطط إنتاجها بالخارج.

ومما لا شك فيه أيضاً أن تأثير هذا القرار لا يقتصر فقط على مجرد عودة «مرسيدس- بنز» لإنتاج سيارات الركوب فى مصر، وإنما وضع أسس لشراكة حقيقية مع مصر فى مجالات جديدة ترتبط بالعاصمة الإدارية الجديدة وإنشاء المدن الذكية ومجالات التنقل الحديثة ووسائل التنقل الكهربائية بما فيها السيارات الكهربائية والسيارات ذاتية القيادة، بما يعنى دخول مصر فى عصر جديد لنظم النقل الحديثة ويتسق مع رؤية مصر فى هذا الشأن، ويجعل مصر مركزاً لصناعة السيارات فى المنطقة مستفيدة من موقعها الاستراتيجى وتوسيع قناة السويس وإنشاء منطقة اقتصادية.

كما لا يخفى ما يمثله هذا القرار من رسالة إيجابية للغاية لمجتمع الأعمال فى العالم، بما سيسهم فى مزيد من تدفق الاستثمارات إلى البلاد، لذلك نقول على عكس العبارة الشائعة (تحذير.. السيارة ترجع إلى الخلف)، «بشرى.. مرسيدس ترجع إلى الأمام».

 

التعليقات