اللقاح المصرى
حين نريد أن نبنى وطناً وأمة فإن هناك أبجديات علمية واجتماعية يتم اتباعها حتى نصل إلى الهدف المنشود والأمل المرجو وذلك عن طريق ثلاثة أعمدة ألا وهى «التعليم» و«الإعلام» و«الثقافة» وما دون ذلك ما هو إلا البناء على أرض رخوة دون أعمدة ودون أساس وإنما مجرد مظاهر خادعة وكاذبة، وما نعيشه من محنة وابتلاء عالمى بسبب ذلك الفيروس اللعين وهذه الجائحة الممنهجة فإنه أكبر دليل على أن العالم المقبل هو عالم العلم ولا شىء إلا العلم... لأن الحروب الآتية لن تكون بالطائرات والمقاتلات والغواصات وإنما هى حروب بيلوجية تستهدف البشرعبر وسائل متعددة عن طريق فيروسات وميكروبات وجينات متغيرة والتحكم فى الأعداد والتحكم فى الأعمار والنوع والشكل حتى التصرفات، فقد يصل بنا الحال إلى أن تكون هناك شرائح توضع فى جسد الإنسان تمكن الآخرين الذين لديهم شفرات المعرفة الجديدة والعلم الحديث من أن يحركوا البشر كما يشاؤون عن بعد باستخدام الريموت كونترول، فإذا بنا فى عالم مختلف لن تكون به جيوش تقليدية ولا أسلحة دمار شامل ولا أسلحة متطورة، ولكن العالم سوف يتحول إلى معمل كونى صغير تجرى فيه الأبحاث العلمية التى تمكن الدول العظمى من التحكم فى الجنس البشرى وبالتالى فى الاقتصاد والسياسة والدين...
لذا فالجيوش القادمة ستكون ممن يلبس البالطو الأبيض ويجلس فى المعامل ومعهم هؤلاء المهندسون البارعون فى الحاسبات والإلكترونيات، فذلك هو شكل الحكومات الجديدة التى سوف تسيطرعلى العالم والمناخ والصحة والدواء وأسواق المال والصناعة والتجارة وما تنفقه الدول فى العالم الفقير والعالم الثالث على الأسلحة وعلى البناء لن يفيدها لأن الدول الأولى قد بدأت مرحلة الحرب الجديدة حين تفشى ذلك الفيروس وتم إغلاق الكون وتوقفت الحياة وبدأت اللعبة الكبرى فى السيطرة على البشر وأرواحهم باختراع اللقاح وهيمنة الشركات الكبرى الرأسمالية الصهيونية التى تتحكم فى المال والاقتصاد والإلكترونيات فإذا بها أيضاً تتحكم فى اللقاح وتقرر من يبدأ فى تناوله ومن له حق البقاء أو من له حق الحياة أو من له حق الاستمرار مع إمكانية التحكم فى مقدراته وفى سلوكه وفى جيناته بأن يكون حقلاً للتجارب وفأراً بشرياً من فئران المعامل، وساعد على هذا الهلع والخوف والرعب من الفيروس ذلك الإعلام الذى استطاع أن يوجه المشاعر والعقول نحو أية وجهة يريد سواء «الخوف» و«الرعب» أو «الانكماش» و«الإحساس بالدونية» أو «الفرقة والغضب» الذى ظهر فى بلدان غريبة تجاه إجراءات الحكومات فى منع الحياة والحرية والاقتصاد وعدم توفير رعاية صحية شاملة عادلة أو نقص العمل وزيادة فى الضرائب.
وحتى أمريكا نالها ما نالها من فرقة فى الشارع الأمريكى وفوضى وانقسام بين السود والبيض أو بين الديمقراطيين والجمهوريين أو بين الأثرياء والفقراء، المهم أن الانتخابات قد أجريت عبر النت من جراء كورونا اللعين وظهرت نتائج وفوز وحرب وشيكة، لعب الإعلام الدور الثانى بعد الجائحة وبعد منظمة الصحة العالمية وبعد القرارات الاقتصادية، وفى مصرنا لم نعترف بعد بأن القادم له شكل ومظهر ووجه آخر غير الذى ألفناه، وأن المعامل المصرية ومراكز الأبحاث المحلية بالرغم من قدرتها على البحث والاختراع العلمى إلا أن البيروقراطية والأنانية تحكم، فهل ما يتم اختراعه من لقاح مصرى حق لوزارة التعليم العالى والبحث العلمى أم لوزارة الصحة أم لهيئة الدواء أو للجنة الأبحاث؟! كل هذا والمدارس مغلقة والجامعات بينما المولات ومراكز الدروس فى العمارات والشقق مكتظة بالصغار والشباب.. والإعلام يعيش ليالى «حمو بيكا» وشركاه، وأبراج البخت والحظ، وأكلات المحشى والكشرى والكافيار، والثقافة تمنح الجوائز والدروع للأصحاب والأحباب وذوى الحظوة والمحظوظين... إنه عالم جديد ونحن بحاجة إلى لقاح مصرى ينقذنا من العتمة والظلام
عن (الوفد)