البرلمان الجديد

ماذا ننتظر منك أيها البرلمان الجديد الذى جاء بعد مرور عشر سنوات بالتمام والكمال لثورة يناير، شئنا أم أبينا، وبعد ثورة 30 يونيه، وبعد الإرهاب وبعد وبعد وبعد.. هذا البرلمان الذى تم تغيير اسمه من مجلس للنواب، أو مجلس للشعب إلى برلمان استدعاء للتقاليد الغربية والمفاهيم الكلاسيكية للمعنى «ممثل الشعب» من أطياف مختلفة ومتعددة، والذين وفق أصل الكلمة فى اللغة اللاتينية والفرنسية القديمة لديهم القدرة على الكلام والنقاش والحوار والتفاوض باسم من يمثلونه من الطبقات أو النبلاء أو المحاربين أو التجار أو أعضاء الحكومات، وتطور المعنى فى القرن الخامس عشر الميلادى فى بريطانيا لتصبح كلمة «برلمان» تعنى السلطة التشريعية التى تضع القوانين وتشرعها وتديرالمملكة البريطانية تحت إمرة وحكم الملك وتطور الأمر لتصبح الملكية مجرد رمز ومعنى وقيمة تصدق على قرارات وقوانين البرلمان.
ولذا فإن اختيار كلمة «برلمان» لتعبر عن الشعب وعن السلطة التى من حقها مناقشة وطرح وإقرار قوانين وأيضاً محاسبة ومتابعة أداء الجهاز التنفيذى الممثل فى الحكومة ورئيسها والسادة الوزاراء لم يكن بالتعبير الموفق والصحيح والسليم، وحتى الآن بعد البرلمان الماضى فإن حزمة القوانين والقرارات التى تم تشريعها وإقرارها بالرغم من ضخامتها وأهميتها القصوى إلا أنها لم تصل إلى الحياة اليومية للمواطن البسيط، ولم نبدأ حتى الآن فى محاسبة واستجواب السادة الوزراء وجهاز الدولة الإدارى والتنفيذى، ولم نر أو نسمع عن مناقشات وحوارات السادة النواب الذين لا نعرف ولا نعلم عنهم أى شىء إلا تلك اليافطات والإعلانات التى ملأت الشوارع والكبارى وأعمدة الإنارة وواجهات المحلات، والقليل منهم معروف بأمواله وقوته ووجوده فى سوق المال والاستثمارات، بينما الشعب فى أمس الحاجة إلى من يعبر عنه ويتحدث باسمه وبهمومه ومشكلاته الحياتيه.. فماذا ننتظر من هذا المجلس النيابى الجديد؟!
هل ننتظر ألا تتم إذاعة جلسات البرلمان واللجان... أم ننتظر الأ نجد استجواباً واحداً لأى وزير من الوزراء أو رئيس هيئة أو جهاز، أم ننتظر أن يكون فقه أولويات المجلس النيابى المعبرعن الشعب هو تحديد مواعيد الدورى ومباريات الكأس، وهل هناك جمهور فى الاستاد أم لا.. أم ننتظر من المجلس أن يصفق لأداء سيئ أو ليس على قدر الأزمة وعلى قدر الموقف العالمى اقتصادياً وصحياً وتعليمياً، فنجد أن الصغار والأطفال عليهم الجلوس فى بيوتهم لتلقى التعليم «أونلاين» وهم لا يعرفون من تلك الأجهزة إلا الألعاب والكرتون والآباء والأمهات فى أعمالهم ومشاغلهم فإذا المدرسة قد دخلت غرف السفرة والجلوس والنوم والمطبخ وقرارات تعليم تثير الغضب والسخط لأن الأطفال والشباب يملأون المقاهى والنوادى والمولات والشوارع بعد غياب الأهل وغلق الفصول وتأجيل الامتحانات وأخذ الإجازة.. ماذا ننتظر من البرلمان المقبل فى قضايا المحليات وقوانين سلطة المرافق وتلك الفوضى العارمة فى الشارع المصرى والمحلات والتراخيص والأكل الفاسد وغياب رقابة البيئة والصحة عن متابعة محلات بئر السلم ومستشفيات الأدوار والشوارع الخلفية، وإذا ننتظر من البرلمان ونوابه المزيد من التصفيق والتبجيل أم تعبير صادق وحقيقى عن شعب يحتاج إلى صوت يعبر عنه...
لا نطلب كونجرس أمريكياً ولا مجلس عموم بريطانياً ولكن نريد مجلساً نيابياً مصرياً وكفى..

التعليقات