عن (مدرسة المشاغبين) سألونى
تلوين أو عدم تلوين مسرحية مدرسة المشاغبين ليست قضية وطنية، البعض يريد أن يحيلها إلى مرتبة أمن قومى للدولة المصرية.
جمعية (أبناء الفنانين) والتى تكونت قبل بضع سنوات بهدف الحفاظ على الحقوق الأدبية والمادية للفنانين الراحلين، تضم عددا من أبناء نجوم المسرحية، ومن حقهم قطعا الحصول على مقابل مادى، وكما أخبرنى المحامى د. حسام لطفى أن القانون يلزم المنتج بدفع مقابل مجزٍ قبل الموافقة، وأنه سبق وأن نجح فى منح ورثة عبدالحليم حافظ حقهم المادى قبل الاتفاق على إعادة تقديم أغنيات عبدالحليم بتقنية (الهولوجرام)، والقضاء يحدد التعويض وقيمته، ولكن أكثر من ذلك هو بمثابة تجاوز يدخل فى إطار (الحنجورى) الذى حذَّرَنا منه عمنا وكبيرنا محمود السعدنى.
سوف يأتى يوم ونجد أن أفلامنا القديمة ليست فقط ملونة ولكن مجسمة، فهل نخاصم الزمان؟.
أنا شخصيًا أفضل أن أرى فيلم مثل (تيتانيك) 1998 فى تلك النسخة قبل تجسيمه فى 2012، تلك هى قناعتى وهذا هو مزاجى الشخصى، ولا يعنى ذلك أنه يعبر عن الجميع، أنا أفضل مشاهدة (شباب امرأة) للمخرج صلاح أبوسيف، الذى قدم عام 1955 كما هو (أبيض وأسود) وليس ملونا، اللون يجرح الزمن، ولكن لا يحق لى مصادرة آراء الآخرين أو أذواقهم، أو التقليل من وطنيتهم.
أغنية (رمضان جانا) لعبد المطلب لها تسجيل (بليد) فنيا (أبيض وأسود)، لا توجد فيه لمحة جمالية، مجرد بنات وأولاد يمسكون فوانيس وأمامهم عبدالمطلب، أعاد المخرج يسرى غرابة فى التسعينيات تصويرها ملونة فأعادها للحياة.
هذه المرة، سنرى مسرحية (مدرسة المشاغبين) ملونة على قناة (إم بى سى)، منذ إعلان الخبر وهناك ترقب ما وتخوف ما.
هل تقديم عمل ملون رقميًا من تراثنا الفنى القديم يعنى اعتداء على التاريخ؟!، الجميع يعرف أن المسرحية (أبيض وأسود) ستظل محفوظة فى الأرشيف، ومن يريد أن يستمتع بالماضى كما هو وبلا أى إضافات، سيجده بعد لحظات بين أصابعه.
شاهدنا مؤخرًا أكثر من حفل عُرضت فيه أغنيات لكوكب الشرق أم كلثوم بتقنية (الهولوجرام) فى قصر عابدين بالقاهرة، وقبلها فى مدينة (العُلا) بالمملكة العربية السعودية، وهى تقنية أكثر حداثة، وكأنها تستعيد أم كلثوم من العالم الآخر، بينما تستمع إلى صوتها وهى تغنى (لسه فاكر) و(أنت عمرى) و(سيرة الحب).
لم يؤثر ذلك بالسلب على جمهور (الست)، على العكس أضاف جمهورا آخر (جيناته) تفاعلت أكثر مع التقنيات العصرية، كما أن قطاعًا من جيل الكبار لا ننكر أيضا أن لديهم شغفًا لرؤية أم كلثوم فى أحدث إطلالة عصرية.
من حق الورثة المطالبة بحقوقهم، أدبية كانت أم مادية.. فقط برجاء الاكتفاء بهذا القدر، من يوافق على التلوين ليس أقل وطنية ممن يعترض.
وتبقى قضية تستحق التأمل، هل أبناء الفنانين بالضرورة هم الأدرى بالفنان للتحدث باسمه؟.. ماذا لو طالب أحدهم بحرق أعمال والده أو أمه، لأنه يرى مثلًا أن الفن حرام.. هل نستجيب له بحجة أن (أهل مكة أدرى بشعابها)؟!!.
(عن المصري اليوم)