المدير الناجح

أساتذة الإدارة مع أساتذة علم النفس والاجتماع حاولوا جاهدين أن يصفوا سمات المدير الناجح، الذى يجمع صفات القيادة مع الإدارة مع الإبداع، مع الحزم مع اللين فى موضعه، مع الرؤية المستقبلية والنظرة الشاملة، مع القدرة على التوازن النفسى بين العقل والإنسانية، أو ما يسمى بين المنفعة الذاتية والمنفعة العامة، وكم من كتب ودراسات وأبحاث خرجت فى هذا الصدد علها تساعدنا على أن نعبر بالإدارة والوطن نحو التقدم والتطور والتجديد والحداثة ومع هذا نجد أننا فى بلادنا نعيش أزمة التراث الثقافى والحضارى الممتد عبر عصور من آلاف السنين فكما نفخر دومًا بالأصول الفرعونية والآثار العظيمة من معابد ونقوش ومعمار وبرديات وأسلوب ونمط حياة يحترم المرأة ويجل الكبير ويعطف على الصغير ويقدس نهر النيل شريان حياة المصريين ويعلم العالم الزراعة والعمارة والأدب وعلوم الدين والتوحيد إلا أن هناك تراثًا سلبيًا يعيش بداخلنا يجعلنا دائمًا نبدأ من نقطة جديدة وكأن ما كان لم يكن ولا نستفيد من الماضى ونحاول دومًا طمس إنجازات من سبقنا فنزيل كل أثر لنجاح أو تقدم أو ابتكار من سجل الماضى مثلما فعل أجدادنا فى قديم الأزل، فدفنوا المعابد والتماثيل والإنجاز وحتى أسماء الملوك والملكات واعتبروا أن كل ملك جديد لديه حاشيته وكهانه وديانته ومدينته ومملكته الجديدة،.. فى الإدارة فإن المدير الجديد قلما يقدم رؤية وفكرا جديدا يعتمد على الإنجازات السابقة وإنما مهمة ذلك المدير الناجح الجديد هو خلق كيانات موازية للقديمة وأيضًا خلق صراعات مستدامة بين المتميزين فى العمل حتى يضمن ولاءهم التام له فقط ولا يجتمعوا على مواجهته ومحاسبته.. المدير الناجح الجديد هو الذى يتعامل مع مرؤسيه من منطلق أنه يملك مفاتيح المنع والمنح والترقى والاختيار وفق الأهواء الخاصة ومدى المنفعة الذاتية، المدير الناجح لديه قدرة غير عادية على التبرير لكل القرارات وكل الإجراءات لا يهم أن تكون منطقية أو لائحية، ولكن المهم أن هناك دائمًا كارت له وجهان أحدهما تهديد والآخر وعيد.. العصا والجزرة هى شعار المدير الناجح الذى لديه أصحاب المباخر الذين يطلقون له البخور ليحظى بالقدسية والمكانة العالية التى تنسيه انسانيته وآدميته ويتحول بقدرة قادر إلى شبه إله يمشى على الأرض ولا ننسى أن صمت وخوف وتردد وسلبية المرؤوسين هو السبب الأول والرئيسى لازدهار المدير الناجح الجديد القديم.. علماء الإدارة فى عالمنا قد عجزوا عن تطوير الإدارة لأننا نعيش التراث الثقافى القديم الذى يجرى فينا مجرى الدم فى العروق.. كل محاولات التطور والاصلاح والتقدم لن تأتى بنتائجها إلا إذا عرفنا كيف نتخطى هذا الموروث الحضارى السلبى الذى يعوق تقدمنا ويعرقل كل خطط الاصلاح فى جميع المجالات.. إنه الانسان الذى عليه أن يعرف ويدرك ماهية الإدارة وما دور المدير الناجح.

عن ا(لوفد)

التعليقات