أسماك الجنينة

حديقة الجبلاية أو جنينة الأسماك، تلك المساحة الخضراء الممتدة فى حى الزمالك بالقاهرة، إحدى الهدايا الثمينة التى تركها لنا واحد من أعظم الحكام لمصر، وهو الخديو إسماعيل الذى دأبت الدراما على تشويه صورته ولم يصلحها أحد حتى الآن، حديقة أنشأها الخديو المظلوم عام ١٨٦٧ وضمت أحواضًا متعددة للأسماك وأشجارًا نادرة وممرات رائعة وبحيرات وتكوينات معمارية مدهشة على هيئة أسماك وأمواج وكهوف ومغارات بما يقرب من تسعة أفدنة.

تلك الحديقة الجميلة مازالت موجودة لكنها تصارع الموت والجفاف ولم تعد تملك إلا اسمها القديم. ذهبت أسماكها إلى غير رجعة، وجفت أحواضها فيما عدا القليل النادر، تمرح داخلها كائنات صغيرة هزيلة تشير إلى ماضيها ولا تحمل أملًا لمستقبلها.

احتلت الخفافيش وبأعداد هائلة كهوف الحديقة التى خلت من الكائنات البحرية ولم تعد تصلح مزارًا أو فرجة، واختفت وراء أقفاصها الزجاجية نماذج قديمة لكائنات بحرية محنطة وكأنها تنعى ماضى الحديقة المزدهر بالكائنات الحية.

الحديقة بصفتها الأولى كمعرض للأنواع المختلفة من أسماك الزينة والكائنات البحرية فى طريقها إلى الزوال، وأخشى أن تتحول إلى مجرد مساحة مفتوحة أو فضاء وسط عمارات حى الزمالك، ونفقد أثرا مصريًا ثمينًا لا يُقدر وجوده بمال.

أحلم بأن تمتد يد الإنقاذ إلى حديقة الأسماك، وأن يتولى الإشراف على عودتها جنينة للأسماك- كما كانت- مجلس للأمناء أو هيئة من كبار المتخصصين والمهتمين بهذا المجال، خبراء مصريون أو أجانب لهم معرفة وخبرة بحدائق الأسماك فى العالم التى تحقق أرباحًا طائلة من الزيارات والرحلات وحتى البيع للمترددين على تلك الحدائق المتخصصة.

حرام أن نترك هذا التراث وهذا الجمال للضياع.

"عن المصري اليوم"

التعليقات