ضبط المصطلحات والتعريفات !
ولما نقول في مقالنا السابق ردا على الشيخ أحمد كريمة، أن تعريف النكاح "الزواج" عند الفقهاء الأربعة ورجال الدين القدامى منهم والمحدثين ، وكذلك المؤسسات الرسمية وغير الرسمية ، يكون هو الفيصل في الفتوي والرأى والحكم ، وكذلك فإن المعاملة بالمعروف والحسنى او بالسوء والأذي ، تقف على باب التعريف وتصيب نصيبها وحظها منه ، نكون قد أصبنا كبد الحقيقة ولم نخطئ . و تعريف العلاقة عند كل رجال الدين لاتخرج عن (الإستمتاع بمحل الوطء) ولم تخرج العلاقة الزوجية عن لغة العرب القديمة وهي ( المضاجعة والمناكحة والإمتطاء والإعتلاء والمجامعة والمخادنة والمواقعة والمباطنة والمسافدة والمهاجمة والمباشرة والمقارعة ) وكلها صور للعلاقة بين الثور والبهيمة، فيقال إمتطى الرجل الدابة أو إعتلاها أو ركبها وهكذا.. ، ويشرح القرطبي ان العرب تكنى المرأة بالنعجة او الشاة أو البقرة والناقة وكل مركوب، فكان سوء معاملة المرأة من سوء معاملة البهائم ، وليس هناك ماهو أردأ من هذا وأقل منه شأنا ، ولم يكن الرجل راغبا في الميل عن هذا التعريف او يحيد عنه لغيره ، حتى لو كان لولده او لزوجته او لأسرته أو المجتمع ، ولم يكن يرضى ان يزاحموه هذه المتعة وهذه الرغبة مادام الفقهاء قد اوقفوه على أبوابها .
وفي شرح المنهاج لأبي حجر العسقلانى ان اسماء النكاح عند العرب بلغت ألفا وأربعين إسما ، ليس فيهم ذكر للأسرة أو المودة أوالألفة او بناء المجتمع، فكان البناء والتوصيف والتوظيف والهدف والسبيل والمنتهى يبدأ عند الإستمتاع والشهوة ولايتعداها الي غيرها، ودون هذا تغلق كل الأبواب، وهذا مادفع الفقهاء وفقا لهذا التعريف الناقص الي إعتبار المرأة وعاء لإشباع شهوة الرجل وقضاء وطره ، وهو َ اساس الفتوي و الحكم على المرأة ،" وزعموا انها شريعة الله "حتى أختلط الأمر بالناس وظنوا ان هذا دين الله وقدر المرأة ، وليس الأمر كذلك ،بل لا يعدو ان يكون سلوكا بدويا جلفا ، و حقوق طرف ضعيف من الأطراف ضائعة ومغبونة بحكم بيئته ، فقد كانت تسبي للمتعة وللبيع والعمل في البغاء، وتورث كالمتاع ، في حين كانت سيدة وملكة واميرة ووراثة في أقوام أخرى، فكان هذا نصيبها التعس في قومها وقدرها في الجزيرة والذي إستمر بحكم الرجل وليس بحكم الدين .
وكانت القاعدة السابقة اساس هذه البناءات ،و دعونا نزيد في الأمر لنرى كارثة "التعريف" الي اين وصلت بالمرأة : فهذا شيخ الأسلام بن تيمية يضعها في صف العبيد "المملوك " ويقول "المرأة والمملوك أمرهما واحد" وهي قاعدة معتبرة عندهم، فإذا مل الفقهاء تكرار الفتوي او عجز أحدهم عنها فليرجع الي" أحكام العبيد" فكلها تنسحب على المرأة دون حرج في مأكلها ومشربها وملبسها والإستمتاع بها ، وقد أخذها من عمر بن الخطاب حين قال (النكاح رق ولينظر احدكم عند من يرق كريمته) ولهذا اعتبر كثير من رجال الدين إن (النفقة مقابل المتعة) تتوقف حال إمتناعها برضاها اوغير رضاها عن إمتاع الرجل، بل وصل الأمر إلي وقف الإنفاق عليها في حالة عجزها وهرمها، و إختلفوا في علاجها وكفنها إذا ماتت، وهل هذا حق عليه او على أهلها.
وبن تيمية يقول" أن المرأة لحم على وضم" والوضم هو الخشبة التى يقطع عليها الجزار اللحم، لاحول لها ولاقوة، ويرى بن تيمية "انه َمن الأفضل عدم تعليم المرأة، واستند الي عمر بن الخطاب الذي نهى عن تعليم المرأة الخط والحساب، ويرى كغيره ان التعليم وسيلة للفضائل إذا ماأحسن إستخدامها ، وهو ايضا وسيلة للرذائل إذا ماأفسد الإنسان إستخدامها، فإذا أمكن للإنسان أن يحقق الفضيلة دون التعلم فهذا افضل. وللشيخ بن عثيمين رأى (أن المرأة تتعلم بالقدر الذى تحتاجه فقط لأن التعلم تعب وإرهاق) ،وهذا بن أبى الثناء يقول (أن الكتابة للمرأة مدعاة للزنا) وهذا بن القيم الجوزية (إن لولى الأمر الحق في حبس المرأة إذا أكثرت من الخروج ، واجاز التعدى على المرأة وتلطيخ ملابسها بالاحبار والاوساخ إذا خرجت سافرة) وقد راينا هذا الفعل جهارا نهارا في المواصلات العامة ،و الإعتداء على البنات السافرات و قص شعرهن وتلطيخ ملابسهن بهذه الآراء والفتاوى المحرضة ، فقد اباح بعضهم أيضا للعوام من الناس القيام بهذه المهمة إذا اوقفها ولي الأمر، وزادها مشايخنا الإذن لهؤلاء بالتحرش والإعتداء على البنات في الشوارع
ولما نطالب بضرورة ضبط المصطلحات و التعريفات الشرعية على أن يتفق التعريف مع الهدف والغاية، ومع القيم الإنسانية ، فنحن نصلح ماهو معوج، ونعدل ماهو مائل، ونقيم بناء حضاري معتدل ومتوازن وممتد، عن هذا البناء الهش الفاسد، والإستدلال العقيم وتلبيس الحق بالباطل ، كالزواج "النكاح" ، الشريعة ، الكفر ، الفتوي ، الجهاد ، إزدراء الدين ، الردة ، الخ.. وليكن المثال الذي طرحناه مازال قائما ، وهو( الزواج) او تعريفه ، فإذا أخرجنا ه من دائرة الشهوة والمتعة والركوب الي دائرة أوسع وارقى ( بناء فرد وأسرة سليمة تحافظ على بناء مجتمع ناضج متعلم واعي) يكون الحفاظ على الفرد والأسرة الاولوية الأولى ، وتسبق متعة الرجل بفراسخ وأميال ، ويقيد تكرار الزواج من أخرى وينظمه بل ويمنعه عند الحاجة، ومن ثم يكون البناء قويا سليما صالحا لكل زمان ومكان ، وإلا يصبح البناء مختلا و ناقصا ، بل بصراحة يصبح الخلاص منه ضرورة حتمية (الدولة المدتية هي الحل)
( نقلاً عن صفحته الرسمية بموقع فيس بوك )