الدراما الوطنية كسبت «حرب»

نظرة البعض قد لا تتجاوز ربط الأعمال الدرامية الوطنية خلال الأعوام الأربعة الماضية، بأنها أصبحت فقط أحد طقوس شهر رمضان.

وجود عامل التشويق فى هذه المسلسلات ضمن العناصر الدرامية بالتأكيد لا يعنى الاقتصار فى الحكم على أهمية قنوات تأثير هذه الدراما عند هذا التفسير المحدود بعدما حققت أعلى نسب مشاهدة خلال عرضها.

أولاً، الدراما الوطنية فتحت أمام المشاهد ملفات عن تفاصيل معارك حقيقية بين الجيش والشرطة وأجهزة المخابرات ضد تنظيمات تكفيرية تجاوز إجرامها إثارة العنف وسفك الدماء إلى مخطط شيطانى يهدف لاحتلال سيناء وإعلان مناطقها المختلفة إمارات إسلامية.

سرعان ما خابت حساباتهم أمام صلابة وتضحيات المؤسسات الأمنية فى الدفاع عن أرض مصر.

ثانياً، الدراما وهى أقرب وسائل مخاطبة المشاهد تعزز روح الانتماء والفخر تجاه الوطن.. روح تسرى إلى الأجيال الجديدة وتقدم حماة الوطن كقدوة، نموذج مشرف للتطلع إليه عند اختيار الشباب مستقبلهم فى إطار سرد هو الأكثر قرباً إليهم، عبر الكشف عن حقائق وردت معلوماتها سابقاً فى بيانات رسمية.

الإحساس ببطولة الشهداء الذين بذلوا حياتهم فى سبيل استقرار وأمن مصر لا يغيب بعد استشهادهم.. تضحياتهم الغالية جديرة بالبقاء ذاكرة حية فى ضمير المجتمع، تمجِد تضحيات الأبطال وتضىء الوعى على مدى التاريخ.

ثالثاً، هى أبلغ وأصدق رد على تضليل «دكاكين» الإخوان الفضائية وتربص بعض وسائل الإعلام الغربية حول الشأن المصرى لتشويه أجهزة الدولة إما عن طريق الكذب أو التزييف، هى تكشف عن وجه الجماعات الإرهابية القبيح بالأدلة الموثقة صوتاً وصورة.

رابعاً، تأثيرها النفسى على النسيج الوطنى للمجتمع، تحديداً كرسالة تقدير إلى أسر الشهداء تؤكد أن ذكراهم تظل حاضرة ما يعزز عقيدة الانتماء الوطنى.

مسلسل «حرب» الذى اعتمدت عناصره على صيغة جديدة يعتبر إضافة ثرية إلى الدراما الوطنية.

فكرة تقديم مسلسلات الخمس عشرة أو عشر حلقات التى دعمها إنتاج الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية و«سينرجى» أثرت الشكل الدرامى، إذ بمعزل عن إنقاذ المشاهد من المط والتكرار وإقحام لقطات طويلة لمجرد استكمال الثلاثين حلقة، أصبح عدد الحلقات يقتصر على فكرة المسلسل.

ما يثرى القيمة الدرامية وآلية تنفيذها لخدمة المحتوى الدرامى فى إطار الرسالة المطلوب إيصالها.

«حرب» يقدم فى عشر حلقات رؤية جديدة عن إحباط الأجهزة الأمنية لمخططات الجماعات التكفيرية تعتمد الإيقاع السريع فى تناسق تام مع طبيعة الأحداث منذ بدء حلقاته الأولى لتتوالى المشاهد فى نسيج درامى متماسك لا يحتمل إضافة أو إزالة أى لقطة.

يلقى المسلسل الضوء على ملف هو من أخطر مؤامرات التنظيمات التكفيرية وحجم التخريب الذى كانت تخطط له لاستهداف المنشآت الأمنية، السياحية وغيرهما.

صياغة المؤلف هانى سرحان وضعت المشاهد منذ البداية فى قلب حدث عن وقائع حقيقية دون أن يفقد خيوط هذا الارتباط طوال العشر حلقات. كادرات المخرج أحمد نادر جلال أظهرت تفوقه فى تقديم دراما جديدة عززت قوة السيناريو فى تناغم بين سرعة تنقل الكاميرا وإيقاع الحوار فى المشهد.

تمرد أحمد السقا على نمط أدوار سبق له تقديمها، وظهوره لأول مرة فى دور قائد من الجماعات التكفيرية كشف عن منطقة أداء نجح خلالها فى التعبير عن حجم الوحشية الكامنة داخل هذه العناصر.. تعابير وجهه بكل القسوة وتبلد كل المشاعر الإنسانية عند ارتكاب جرائمه.

تقييم أداء السقا بعيداً عن المقارنات بأدواره السابقة حتى فى الأعمال الوطنية بالتأكيد سيكون لصالحه.

مساحة دور محمد فراج أطلقت طاقات جديدة وتوهجاً فى أداء هذا الفنان، أدوار فراج السابقة كانت تشير نحو موهبة تنتظر إظهار بريقها فى مساحات أداء ودور كالذى قدمه فى مسلسل «حرب» ما حقق نجاحه كأحد العناصر المميزة للعمل.

المقال / لينا مظلوم 

الوطن 

التعليقات