سوريا.. ومكاسب العودة للبيت العربي

يأتى الملف السورى على رأس الملفات المنتظر حسمها قبل القمة التى تستضيفها السعودية فى الرياض 19 مايو المقبل بكل الخيوط المتشابكة التى يحتويها مع كل المستجدات السياسية والدبلوماسية التى بدأت معالمها تتضح بين الدول العربية والإقليمية بالتزامن مع تغيّر الخارطة السياسية فى المنطقة والاتفاق السعودى - الإيرانى الذى أُعلن عنه الشهر الماضى.

المؤشرات تؤكد أن الإجماع العربى يتزايد نحو عدم جدوى عزل سوريا عن محيطها، خصوصاً أن الوضع الذى ارتبط بهذا العزل لا يحتمل منطقياً استمراره بحكم كل المتغيرات التى طرأت دولياً بكل الظلال التى ألقتها على المنطقة وفرضت إيجاد سبل لإنهاء هذه القطيعة.

الدبلوماسية العربية تجاه سوريا على المستويات الثنائية التى نشطت الأشهر الماضية تحديداً من جانب مصر والإمارات، السعودية، الإمارات، وتبادل الزيارات على مستوى وزراء الخارجية، كما نوقشت عودة سوريا كملف رئيسى خلال لقاء جدة التشاورى منتصف هذا الشهر لوزراء خارجية مصر، الأردن، العراق، ونظرائهم من دول الخليج.. كلها تشير إلى تحول جذرى فى صيغة العمل العربى وضرورة توحد المواقف تجاه الملف السورى وتوسيع دائرة الاحتضان العربى لسوريا.

الأسباب التى أطلقت شرارتها معالجة أوضاع إنسانية امتدت إلى أبعاد أهمها.. أولاً: اشتداد تبعات الأزمة السورية اقتصادياً، سياسياً، أمنياً مع كل ما واكبها من تدخلات الأطراف الدولية والإقليمية كل لغرض مصالحه على حساب سوريا.

هذه التدخلات تاريخها السلبى على دول المنطقة أكد حقيقة أن الدور العربى هو الأقدر على فرض التهدئة والاستقرار فى مناطق الصراع بعيداً عن حسابات المصالح على حساب الأشقاء.

ثانياً: اندلاع الصراعات الدولية والإقليمية فرض خلق حالة تماسك فى الصف العربى وإيجاد توافق مشترك قادر على التعامل مع الملفات الإقليمية والدولية، تحديداً تلك التى تمس الأمن القومى العربى، ضماناً لاستقرار دول المنطقة.

ثالثاً: مع التحول الذى طرأ على المعادلات السياسية والعسكرية الدولية فى العالم أثر التدخل العسكرى الروسى فى أوكرانيا، بالإضافة إلى بوادر تحولات سياسية فى مواقف دول عربية مؤثرة تجاه دول إقليمية مثل تركيا وإيران، كل هذا لم يعد يحتمل تضارباً فى المواقف العربية عند التعامل مع مواقف تمس مصالحه.. إذ لم يعد هناك بديل عن حضور قوى لرؤية عربية تفرض مصالحها فى إطار صورة التوازنات الدولية التى لم يكتمل تشكيل ملامحها بعد.

رابعاً: بعد سنوات الدمار والفوضى نتيجة ما أطلق عليه «الربيع العربى» وما تلاها من دخول تنظيمات تكفيرية إلى مناطق عديدة من هذه الدول ثم الانطلاق منها إلى دول أخرى لتنفيذ أجنداتها الإجرامية.

تهديد هذه التنظيمات أيضاً هو جرس إنذار لإعادة تضامن العمل العربى ضد خطر يهدد استقرار المنطقة ولا يقف عند أى حدود، تحديداً أن تمدد التدخل الدولى والإقليمى أمام تراجع الدور العربى زاد الأزمة تعقيداً وأحال سوريا إلى ساحة دولية للتنظيمات التكفيرية التى أوجدت لنفسها مكاناً فى ظل فراغ أمنى وسياسى.

تفكك عزلة سوريا إثر اتصالات قادة العرب بالرئيس السورى وزيارات عديدة من وفود برلمانية ووزراء خارجية الدول العربية الفاعلة على رأسها مصر، مؤشرات على قرب عودة سوريا إلى مكانها الطبيعى فى الجامعة العربية والبيت العربى خلال الفترة المقبلة.

صوت الحكمة فى تصدر الدول العربية المؤثرة لدور يعمل على عودة الاستقرار إلى سوريا فى مقابل الدور الكارثى حين حاول مغامرو «عصابة البنا» إقحام مصر وجيشها مع التنظيمات التكفيرية فى سوريا بحجة دعم المعارضة ضد الرئيس السورى بشار الأسد.

السؤال الأهم الذى لم يصدر عنه تأكيد أو نفى رسمى، اعتزام السعودية دعوة الرئيس السورى بشار الأسد لحضور قمة جامعة الدول العربية المقبلة، إذ سيمثل حضور الأسد أهم تطور فى إعادته إلى الصف العربى منذ عام 2011 عندما تم تعليق عضوية سوريا فى جامعة الدول العربية.

المقال / لينا مظلوم

الوطن

التعليقات