يوم مولده.. ملايين القلوب تحتضن الزعيم
زعيم السعادة لا يحتاج إلى مناسبة للكتابة عنه.. عادل إمام يستعد بعد أيام لاستقبال عام جديد من عمر قضاه معنياً بإدخال الفرح إلى قلوب الملايين، مهموماً بقضايا بلده، مدافعاً عنه بفنه ومواقفه ضد كل خطر يهدده.
عادل إمام تخطى مسميات النجومية و«التريند».. هو مملكة متفردة يحدها شمالاً الوعى الوطنى، شرقاً الموهبة المتدفقة، غرباً الذكاء الحاد، جنوباً شهامة ابن البلد. لم يمتهن عادل إمام الوافد الجديد إلى الفن موهبته التى ستتفجر إبداعاً بعد سنين وهو ينأى بنفسه عن كل ما يمس مكانة ورقى الفن.
يرى الخير حتى ولو لم يكن فى جيبه أكثر من جنيهات قليلة، فى مشهد أثناء سيره مع صديق لسيارة فارهة يقودها شاب مع فتاة رائعة الجمال، الصديق أبدى السخط على حظ لم يمنحه مثل هذا الثراء.. عادل إمام رد لافتاً نظر صديقه إلى جمال المشهد بكل المشاعر التى تجمع بين الشاب والفتاة.
لم يعتمد الزعيم على «الفهلوة» أو إثارة صخب إعلامى فى بناء مملكته، اقترب من نخبة مثقفى وكتاب وأدباء جيله.. بنى عقله بالقراءة.. أثرى موهبته بانتقاء حريص لمجموعة من خيرة الصحفيين، نلتقى حول الزعيم فى مقهى شهير يحتل أحد أركان ميدان الثورة فى المهندسين ليدور حوار متنوع فى صيغة أقرب إلى صالون ثقافى.
عام 1988 هجمت عصابة جماعة الإخوان على فرقة ساحل سليم بزعم تكفير الفن أثناء تقديم عرض مسرحى فى أسيوط. القرار كان سريعاً من هيئة تحرير مجلة روز اليوسف التى كنت أشرف بالعمل ضمن محرريها أن نبدأ فوراً حملة لحث الفنانين على تقديم عروض مسرحية وأنشطة فنية فى موقع الحدث كرد من القوة الناعمة ضد جرائم هذه الجماعة.
كان التردد والخوف من الاغتيال هو سيد الموقف، لم نجد فقط استجابة فورية من عادل إمام، لكنه كان فعلاً بدأ يعد لعرض مسرحيته «الواد سيد الشغال» على نفس المسرح الذى تعرض للهجوم فى أسيوط، رغم أن حياته تعرضت للتهديد بالقتل هناك. منذ هذه الرحلة تصدى عادل إمام بقوة للدفاع عن الفن والإبداع ضد هجمات شرسة من الجماعات الإرهابية بدعوى تحريم الفن والأموال التى يتقاضاها من يعملون به. الزعيم ظل يفتخر بفنه، فبادله الفن فخراً وتقديراً. التقى أهم زعماء وقادة الدول العربية تكريماً لدوره.
عام 1993 فى حادث خسيس قام إرهابيون بتفجير مقهى وادى النيل فى ميدان التحرير. فور الانتهاء من ترميم المقهى بدأنا فى «روز اليوسف» تنظيم احتفالية كبيرة فى موقع الحادث. احتشد الميدان بمئات الآلاف حول المسرح لمشاركة كبار نجوم الفن الذين توافدوا فى مشهد رائع تعبيراً عن رفضهم عمليات عصابة البنا الإجرامية. ما إن أعلن فى الإذاعة الداخلية خبر وصول عادل إمام حتى انفجرت شرارة حماس وكأنها تيار كهربائى سرى بين الحضور لتدوى صيحات الترحيب وتختلط مع هتافات التنديد بالإرهاب وجرائمه. عام قرر عادل إمام تقديم فيلم الإرهابى مدفوعاً بإحساس الانتماء إلى وطنه ومهنته، لم يتوقف كثيراً عند مخاوف أسرته الصغيرة ومحاولاتهم إثناء عادل عن الفكرة تحديداً بعدما تصدر اسمه قوائم الاغتيالات التى وضعتها جماعة الإخوان انتقاماً من كل الذين تصدوا لهم بكلمة حق. فى ذلك الوقت طلبت وزارة الداخلية من عادل إمام الانتقال من مكان اللقاء اليومى مع أصدقائه وتحولنا إلى الدور الأول من المقهى حرصاً على تأمينه، كما فرضت الوزارة حراسة خاصة تلازمه.
لم يكن غريباً أن ينصب استهداف جماعة الإخوان على عادل إمام كرمز شعبى يعكس إبداعه ببساطة وتلقائية انتماء «أهل البلد» الوطنى، خابت كل محاولاتهم للمراوغة على مواقف عادل إمام من كل الأحداث المعاصرة التى عاشتها مصر خلال العقدين الماضيين.. ظل موقفه ثابتاً يتمسك بالتصدى «لطيور الظلام» مدافعاً عن وطن يضىء وجهه التنوير والإبداع.
المقال / لينا مظلوم
الوطن