لهذا إنتصر "القديس فالنتين" على أعداءه

مع أن الفالانتين عيد مسيحي ، يحتفل به مسيحيو الغرب إحياء لذكرى قديس أعدم قبل أكثر من 1700 عام في روما ، إلا أن المصريين اختاروا الاحتفال به وإعتباره عيداً للحب يتبادل فيه المحبون الهدايا وباقات الزهور .

القديس أو ( الراهب)  فالانتين الذي قيل ان الامبراطور الروماني كلاوديوس أعدمه في 14 فبراير عام 269 بعد الميلاد لعصيانه سلطته ، لم يكن في الأساس بائع زهور أو صانع دباديب ، وإنما هو رجل دين  كان يقوم بتزويج الشبان للبنات سرا في الكنيسة لأن الزواج في عقيدته طقس ديني مقدس ، وكان الرجل يفعل ذلك في تحد واضح للامبراطور الذي منع الزواج " لأنه يلهي الشباب عن الانخراط في الجيش " !.

" الفالانتين " إذن تراث غربي إختلطت فيه الاسطورة بالحكاية الشعبية بالمعتقد الديني ولا علاقة للثقافة المصرية به من قريب أوبعيد ، إلا أن المصريين إتفقوا على الاحتفال به كل عام مع المسيحيين ربما نكاية في الأخوة السلفيين الذين حاولوا بإلحاح وبكثير من الفظاظة أن يكرهوهم فيه ويجبروهم على عدم الاحتفال بهذا اليوم ، وأذكر أنهم طوال سنوات الثمانيات تحديداً طالما وقفت قياداتهم ( منهم الشيخان أبو إسماعيل وكشك ) طويلاً على المنابر يحرموه ويعتبروه تقليداً وثنياً ، لانه لاحب في معتقدهم إلا للاسلام بمفهومهم ولرموزه وأولياءه الصالحين !.

ورغم تكرار محاولات إبعاد المصريين عن الاحتفال بيوم 14 فبراير ،إلا ان الناس إنحازت له وأسمته عيداً للحب ، في حين لم يتحمسوا كثيراً  ل "عيد مصطفى أمين " على الرغم من إلحاح الكاتب الكبير منذ العام 1974 بأن يجعل يوم 4نوفمبر عيداً للحب المصري إلا أن الفالنتاين كسب الجولة ، ربما لان الدعوة المصرية كانت صحفية وليست شعبية ، جاءتهم من أعلى وعبر مقال في جريدة ،ونحن نعرف أن الود تاريخياً لم يكن موصولا بين الناس و" كلام الجرايد" .

  وتزايدت مكاسب الفالنتين عاماً بعد عام لأسباب أخرى بعضها "تجاري" ، بعد أن نجحت شركات الهدايا ولوبي باعة الزهور في تسويق "العيد"  للشباب عبر أفكار مبتكرة في أنواع الهدايا وأشكالها التي صارت تقليداً موسمياً .

وماحدث مع الفالنتين ، نراه يحدث بشكل متسارع عاماً بعد عام في عيد الهلع " الهالوين " بعاداته وطقوسه الغريبة التي يحتفل بها الشباب رغم تحريم بعض الفرق الاسلامية المتطرفة له وإعتباره بدعة " وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار " . فالهالوين الذي تحتفل به شعوب الغرب ليلة 31 اكتوبر رغم طرافة احتفالاته ، هو منذ ألفي عام يجسد اسطورة أيرلندية قديمة تعتبر أن هذا اليوم هو موعد خروج الاموات من تحت الارض مع انتهاء الصيف الساطع ودخول الشتاء المظلم .

الرأي عند علماء الاجتماع ، ومنهم المفكر الكبير د. مصطفى سويف أن انتشار طقوس الاحتفال بالاعياد عابرة الثقافات بين الناس رغم إختلاف عقائدهم وعاداتهم يكون دائما بسبب ميل الناس بفطرتها للاحتفال بالمناسبات التي تجمعهم بروابط انسانية خارج حدود اللغة والدين ، الجماعات الانسانية تسعى للبهجة أيا كان إسمها أو إسم أو دين من إخترعها . وبهذا المعنى فالفالنتين والهالوين والكريسماس وماشابهها من أعياد في الغرب موجودة في الأصل من أجل الألفة واللمة وإسعاد الناس ، والسر في أنها أصبحت أعياداً عالمية متجاوزة للحدود والأجناس ، أنها تحولت لمناسبات إنسانية تدعو للحب والألفة في وجه البغض والعنصرية والحروب .

نحن أيضا لدينا من الأعياد مايجمعنا ويوحدنا ويؤلف قلوبنا . أعياد خلعت منذ زمن بعيد ثوبها الطائفي ، أجملها عيد الربيع المصري ، "شم النسيم " الذي يمكن أن يكون بحق عيداً عالمياً بإمتياز .

الأعياد نوافذ البشر على البهجة والشعور بالطمأنينة والأمان .

 لهذا إنتصر القديس فالنتين على كل أعداءه .

 

التعليقات