في ذكري مصرعه .. الكشف عن قتلة فرج فوده !

في مثل هذه الأيام قيل 24 عاماً ،  رحل  الكاتب والمفكر السياسي فرج فودة في حادث اغتيال  هز مصر عام 1992 ،على يد ارهابيان هما عبد الشافي رمضان، وأشرف إبراهيم، من أعضاء الجماعة الإسلامية بعدما اعترضا طريقه اثناء خروجه من مكتبه في شارع أسماء فهمي بمنطقة مصر الجديدة، وامطروه بالرصاص ثم حاولا  الفرار، ولكن سائق فرج فودة تمكن من ملاحقتهم وضبط أحد الجناة "عبد الشافي رمضان" الذي حكم عليه بالإعدام فيما بعد.
وكانت أراء فرج فودة تشكل مصدرا لازعاج غلاة الاسلاميين ومفكريهم المتشددين ومنهم محمد عمارة والشعراوي ومحمد الغزالي الذي اباح دمه وافتى بقتله  ، خاصة وان قضيته كانت تقضي بضرورة فصل الدين عن الدولة وتحريره  من سلطة الفقيه ، والاجتهاد وإعمال العقل، رافضًا وضع  الشريعة في الدستور  ومتمسكًا بتأسيس نظام مدني للحكم وقوله بأن بعض الأحكام  والتفسيرات لا تتواكب مع تطور العصر . 
ودخل الدكتور فرج فودة، في سجال شديد مع الدكتور محمد القيعي، أستاذ التفسير بكلية أصول الدين حول  "زواج المتعة " وقضية اثبات الزنا في نهاية عام 1989، وأظهر فيه فودة تمكنا من الأسانيد ومراجع الفقه، وكان  يرفض منطق ألا يكتب في الدين غير المتخصصين والذي اعتبره مهربا للإسلاميين حين يعوزهم المنطق في الرد عليه، وكثيرا ما كان يصحح فرج فودة أخطاء بعض المفسرين والفقهاء . 
وفي كتابه "النذير" (1989) قدم  فودة دراسة لنمو التيار الإسلامي ما بين عامي 1982 و1987، خلص منها إلى أن التيار الإسلامي "نجح بالفعل في تكوين دولة موازية"، لها اقتصادها المتمثل في بيوت توظيف الأموال، وجيشها المتمثل في الجماعات الإسلامية المسلحة، وكيانها السياسي المتمثل في مكتب إرشاد الإخوان المسلمين رغم حظر الجماعة قانونيا.
ووجد فرج فودة تشابها بين التيار السياسي الديني في مصر والنازية في ألمانيا من حيث "نظرات الاستعلاء والعنصرية واستخدام العنف والعودة إلى الجذور،" محذرا من أن "ما يحدث في مصر الآن، وما اعتمدته التجربة النازية للوصول إلى الحكم بعد فشل المواجهة، يتمثل في التسلل إلى المؤسسات القائمة، واستخدام الديمقراطية، واستغلال ضعف هيبة الدولة، واستثمار المعاناة من الأزمة الاقتصادية لإسقاطها في النهاية"، وهو ما شهدته مصر في "غزوة الصناديق" عندما وصل الإخوان لسدة الحكم بعد ثورة 25 يناير.
وقبل أن يُسدل الستار في ذلك الوقت على جريمة الاغتيال ، حكمت المحكمة بإعدام عبد الشافي رمضان، ونفذ فيه الحكم، كما حكمت بسجن محمد أبو العلا لتوفيره السلاح، وبرأت باقي المتهمين، غير أن وزارة الداخلية اعتقلتهم، ونقلتهم إلى سجن الوادي الجديد، وبعد 6 أشهر تفرقوا في مختلف السجون، ولكن أحدهم وهو علي حسن المتهم برصد تحركات فرج فودة مات في سجن الوادي الجديد .
وأفرجت وزارة الداخلية عام 1993 عن عدد من المتهمين هم وليد سعيد، ومحمد عبد الرحمن وحسن علي محمود، وفي عام 2003 أفرجت عن جلال عزازي وأشرف عبد الرحيم وباقي المتهمين عدا محمد إبراهيم، المفرج عنه عام 2005، ثم أفرجت عن صبحي أحمد منصور وصفوت عبد الغني في عام 2006 في عهد حسني مبارك، كما أفرج  الرئيس الاخواني محمد مرسي عن أبو العلا محمد في عام 2013، والذي أعلن في أكثر من مقابلة تليفزيونية بعدها عدم ندمه على قتل فرج فودة  "لأنه كافر" !.، وبذلك يكون كل قتلة فرج فوده تقريبا خارج السجون الى جانب دعاة القتل واصحاب فتاوى التكفير الذين يجاهرون بها علنا خارج وداخل اروقة الازهر نفسه . 
وفي مشهد ما بعد النهاية، تظهر محاكمة جديدة لفرج فودة على يد اعداءه الذين ينتمون لفكر التكفير ، فيقول الدكتور عبد الغفار عزيز، رئيس ندوة علماء الأزهر في كتابه "من قتل فرج فودة؟"، "إن فرج فودة هو الذي قتل فرج فودة، وإن الدولة قد سهلت له عملية الانتحار، وشجعه عليها المشرفون على مجلة أكتوبر وجريدة الأحرار، وساعده أيضا من نفخ فيه، وقال له أنت أجرأ الكتاب وأقدرهم على التنوير والإصلاح."[
ولعل الخطوة الملحة المطلوبة من البرلمان الحالي، هي  تعديل قوانين الحريات وخاصة صيانة حرية الفكر والتعبير  بما يتماشى مع الدستور،و هي أول خطوة على الطريق لحماية المفكرين وأصحاب الرأي  من الوقوع ضحايا فتاوى التكفير وازدراء الأديان، وإهدار دمهم كما حدث مع نجيب محفوظ الذي نجا من القتل وفرج فوده الذي دفع حياته ثمنا لآراءه وكما يحث الان كل يوم مع كتاب وأدباء وشعراء ومفكرين مجتهدين .
التعليقات