حب الحيوانات أقل تكلفة!
Submitted by asmaa.emad on Tue, 07/11/2023 - 21:18شاهدت ذات مرة في كندا تجمعا بشريا في الحى الذي كنت أسكنه، وعندما اقتربت وجدت الناس تشير إلى قطة صغيرة صعدت إلى شجرة، وكان من الواضح أنها تخشى النزول أو لا تقدر عليه، لهذا فقد ملأت الأفق بالمواء الذي نبه المارة إلى وجودها. بعد قليل حضرت قوات الدفاع المدنى التي استدعاها السكان، وقد ظل هؤلاء يحاولون استخدام السلالم التي تستعمل في إطفاء الحرائق للوصول للقطة بهدوء دون أن يثيروا فزعها حتى لا تزل قدمها وتسقط من فوق الشجرة. كل هذا كان يحدث بينما كاميرات التليفزيون تتابع الموقف وتنقله للجمهور في البيوت لحظة بلحظة. في ذلك الوقت أذكر أن صديقا عربيا كان يمر بالشارع أبدى لى دهشته من هؤلاء الناس الذين يعطفون على الحيوان ويتألمون لألمه، بينما لا يلقون بالا لبنى الإنسان من البؤساء والتعساء والفقراء والمحتلة أراضيهم.. أولئك الذين يلقون العذاب والهوان ولا يجدون الطعام أو شربة الماء النظيفة!..
كان الرجل الممتلئ بالحنق يتساءل كيف يكون هؤلاء الناس بكل هذا الحنان والرحمة مع القطط والكلاب وغيرها من ذوات الأربع، ولماذا ينزل بعضهم من بيوتهم كل يوم متوجهين إلى المتنزهات وهم يحملون الحبوب والبسكويت والرقائق من أجل إطعام الحمام واليمام والبط والوز؟ كيف يفعلون هذا بينما يتفرجون في برود على المجازر التي يتعرض لها الإنسان العربى في مناطق عدم الاستقرار؟. وكيف يمكن لهم أن يستمتعوا مع حيواناتهم الصغيرة بالحياة الهانئة الرغيدة بينما البؤساء الذين يموتون من شدة الجوع يملأون العالم في قاراته الخمس؟. لا أظن أن الإجابة صعبة.. في ظنى أن كل إنسان يحمل دائما قدرا من الضغينة تجاه بعض الناس الآخرين، وذلك طبعا لأن كل واحد لديه ذكريات أليمة في حياته ولديه إخفاقات وعذابات وقصص حب مجهضة تسبّب فيها إنسان آخر ولم يتسبب فيها حيوان!.. هذا فضلا عن أن حب الحيوانات والحدب عليها يمنح الإنسان شعورا بالرضا دون أن يكلفه شيئا، لكن تعاطفه مع إنسان مظلوم قد يقتضى تقاسم الرفاهية التي يحياها معه، وتعويضه عن الثروات التي نهبت من بلاده!.
الأمر نفسه ينطبق على أثرياء في الشرق الذين أخذوا عن الغرب الاهتمام بالحيوان باعتبار هذا الاهتمام من سمات الإنسان المتحضر. ومن الطبيعى أن الإنسانية الحقة كانت تقتضى من هؤلاء التعاطف مع بنى الإنسان.. لكنهم وجدوا التعاطف مع قطة أقل تكلفة بكثير. لا أقصد بالطبع أن كل محبى الحيوانات أشرار، لكن أغلبهم يفرغون طاقة الحنان لديهم في بعض مخلوقات الله دون بعضها الآخر.
المقال / اسامة غريب
المصرى اليوم