أحباب الله يا وزير الصحة
هم ملائكة الله على الأرض، هم الخير والبركة لمن رُزق بهم، وأدرك أن هذا طريقه إلى الجنة الذى اختصه الله به، إنهم ذوو الاحتياجات الخاصة أو أصحاب الهمم، والذين حظوا فى مصر فى السنوات الأخيرة باهتمام غير مسبوق على أعلى مستوى فى الدولة.
وقد تمت ترجمة هذا الاهتمام إلى قوانين وقرارات، لعل أهمها ما نص عليه الدستور المصرى فى المادة ٨١، والتى تتضمن: (تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة والأقزام صحياً، واجتماعياً، وثقافياً، وترفيهياً، رياضياً وتعليمياً، وضمان توفير فرص العمل لهم، كما تلتزم بضمان تخصيص نسبة منها لهم، وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم، وممارستهم لجميع الحقوق السياسية، ودمجهم مع غيرهم من المواطنين إعمالاً لمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص).
قوانين أخرى عديدة مكمِّلة لمواد الدستور، لعل أبرزها القانون ١٠ لعام ٢٠١٨، مع ما واكب كل هذا من اهتمام بالجمعيات والمؤسسات المهتمة بهؤلاء.. أحباب الله.
لكن مع الأسف، ورغم كل ذلك، فبعض من الموظفين ممن يقومون على مصالح هذه الفئة التى اختارها الله، ولم تصادف ما يكفى من العطف والرعاية، لا يملكون من الرحمة والإنسانية ما يكفى لاستيعاب حكمة الله، وبدلاً من أن يهرولوا لمساعدة هؤلاء ونجدتهم تقسو قلوبهم ويعرقلون ويسوفون.
أقول هذا بعد ما سمعته من سيدة أثق فى حكمتها وعدالة حكمها، حول تجربتها المريرة بين الجهات المختلفة حتى يحصل شقيقها المصاب بمتلازمة داون وكيف أمضت الشهور والأسابيع مع لجنة العجز فى مستشفيات الإسكندرية.
تقول السيدة وبياناتها وبيانات شقيقها بين يدى للجهات المختصة، إن شقيقها مصاب بمتلازمة داون أو ما يسمى العته المنغولى، بعد وفاة والد المريض صدر تقرير بحالته وحصل على معاش بناء على هذا التقرير، وحين توفيت والدته، التى كانت تعمل بالقطاع الخاص، أصبح على هذه السيدة عمل إجراءات جديدة كأن الحالة لم يتم الكشف عليها من قبل، وبالتالى مطلوب تقرير جديد من مستشفى النقراشى بالإسكندرية.
وحين أبدت السيدة دهشتها حول هذا الطلب، كان الرد أنه ربما يكون شقيقها قد شُفى!! على الرغم من كونه مرضاً مزمناً لا شفاء منهه! وبين التأمينات الاجتماعية ولجنة العجز التابعة لوزارة الصحة ظلت السيدة لشهور بين هؤلاء وهؤلاء تدور فى حلقة مفرغة، كما لو أننا ما زلنا فى عصر الدواوين.
لم تكن السيدة فى تلك الرحلة القاسية وحدها، بل مصطحبة شقيقها، أما الأمر الغريب أن موقع هذه اللجان فى أدوار علوية لا يوجد بها مصاعد، وبالتالى لا أعرف كيف يتمكن أصحاب المشكلات الحركية من التردد على هذه اللجان، وإذا كانت مشكلات ذوى الاحتياجات الخاصة لا تحل فى أيام ولا أسابيع وربما فى شهور طويلة كيف يصعدون الأدوار العليا وكيف يعيشون بلا دخل حتى يحصلوا على مستحقاتهم بين التأجيل والتعطيل دون مراعاة لظروفهم الخاصة؟ وكيف يحدث هذا بعد كل ما شهدته الدولة المصرية من تحديث ورقمنة؟
التفاصيل كثيرة فى هذا الموضوع ومؤسفة، وليست هى الحالة الوحيدة، وأعتقد أن الدكتور خالد عبدالغفار بما عرف عنه من إنسانية ومن دماثة خلق يدرك جيداً ما يمكن أن يفسده هؤلاء الموظفون الذين يعيشون فى عزلة ويملكون من الإفساد أكثر مما يصلحون به شئون العباد.
المقال / اميرة خواسك
الوطن