طقس حار وعودة اللاجئين
أسبوع حافل جديد، لم يبخل علينا بالأحداث الساخنة والحوادث المشتعلة.
السخونة سمة رئيسية فى حياتنا من الآن وحتى أكتوبر وربما نوفمبر المقبل، حين يبدأ الجو فى مشاورة نفسه والتخفيف من حدته قليلاً إذعاناً لما كان يسمى «فصل الخريف» المتسم بالهدوء والسكينة.
حرارة الجو والاطلاع على توقعات الأسبوع الصادرة عن هيئة الأرصاد أو غيرها من مواقع وتطبيقات الطقس بات طقساً مصرياً.
وحتى وقت قريب مضى، كان المصريون يتعاملون مع درجات الحرارة باعتبارها تلك الفقرة النظرية المملة التى تأتى فى ذيل نشرة الأخبار.
وكانوا يعتبرون درجات الحرارة المعلنة من عظمى وصغرى ونشاط الرياح وارتفاع الأمواج وغيرها مجرد «كلام جرايد».
لكن حدث تطور مذهل لدى الكثيرين منا، وبات الاطلاع على درجات الحرارة المتوقعة لمدة أسبوع أو عشرة أيام مقبلة مسألة معتادة.
أعرف كثيرين لا يتخذون قرار السفر داخل مصر إلا بعد الاطلاع على أحوال الجو وتوقعاته، من جهة، تطور علم الأرصاد.
ومن جهة أخرى، تطور عمل هيئة الأرصاد وصارت أكثر اتصالاً بالمواطنين واطلاعاً على احتياجاتهم، لدرجة وصلت إلى مسائل تتعلق بـ«هل نلم الغسيل أم نتركه على الحبل؟» و«هل نغلق الشيش أم نتركه مفتوحاً» و«هل ننزل الصيفى ونطلع الشتوى أم نتريث؟».
وعلى سيرة التريث، ثبت بالحجة والبرهان أن مطالبات التريث فى تعظيم مواقف بعض الدول فى استقبال جموع اللاجئين الهاربين من ويلات الصراع، لا سيما الصراع السورى، وهو التعظيم الذى رآه البعض مبالغاً فيه ومتسرعاً، ناهيك عن مكون التسييس الشديدة وأنا من هذا البعض، كانت مطالبات مستحقة ومنطقية.
دول عديدة فى العالم، ومنها ألمانيا وتركيا وفرنسا وبريطانيا والدنمارك، تركز جهودها وسياساتها هذه الآونة لـ«التخارج» من مأزق اللاجئين والمهاجرين.
على سبيل المثال لا الحصر، التقت الحكومة والمعارضة التركية على موقف شبه متطابق فيما يختص باللاجئين السوريين.
وبعد سنوات من فتح الأبواب واستقبال الملايين، وأحياناً التهديد بفتح الحدود وتركهم ليغزوا أوروبا أملاً فى اللجوء، بات وجود اللاجئين السوريين، وكذلك الأفغان فى تركيا حملاً ثقيلاً لا يخففه حزب حاكم كان يرحب بهم بالأمس القريب أو معارضة كان لديها الاستعداد للتعامل مع ورقتهم ترحيباً أو طرداً لتصب فى صالحها الانتخابى.
ووصل الأمر لدرجة أن رئيس حزب النصر التركى أوميت أوزداغ تحدث قبل أيام عن زرع ألغام على الحدود لمنع دخولهم، معتبراً إياهم السبب الرئيسى فى أزمة الاقتصاد، وأن المجنّسين منهم بالجنسية التركية ساهموا فى فوز الرئيس أردوغان فى الانتخابات الأخيرة.اعتبار اللاجئين ورقة درس للجميع.
أحيي وأحترم وأؤمن بكل قاعدة إنسانية تتحدث عن حق الجميع فى مكان آمن يقيم به ويستظل به من ويلات الصراع.
لكن فى الوقت نفسه أنظر إلى أرض الواقع، وأرى جزءاً غير قليل من هذه القاعدة ينهار ويتبخر فى الهواء أمام أقرب اختبار اقتصاد أو امتحان سياسة وانتخابات.
ولا يسعنى فى هذا الصدد أيضاً سوى النظر إلى حال من هربوا من نيران الصراع إلى مصر، فوجدوا أبوابها مفتوحة دون شرط وضعية «اللاجئ» رسمياً ودون قيد المخيمات.
وعلى ذكر المخيمات، ورغم فتح ملف «مخيم الهول» المرعب أمام العالم الآن، فإنه لا يجد الآذان الصاغية وبالطبع العقول المفتوحة التى تستحقه.
وبعيداً عن الأسباب المعروفة للجميع والتى من شأن النبش فيها أن تفضح المسكوت عنه وتسلط الضوء على حقيقة ما جرى فى المنطقة العربية منذ تقرر «تخليق» ما يسمى بـ«داعش» أو «دولة الخلافة» لتكون قرينة المنطقة العربية.
كل تفصيلة من تفاصيل مخيم الهول ترقى أن تكون أسطورة قائمة بذاتها، ما يزيد على 51 ألف شخص، أغلبهم من النساء (نساء الدواعش) والأطفال الضحايا المولودين من رحم أفكار هذا التنظيم. الغالبية من سوريا والعراق، لكن المخيم يحوى 60 جنسية! وفى المخيم جزء مخصص لأكثر أعضاء «داعش» تشدداً.
ومجرد فكرة «تربية» الأمهات لصغارهن فى هذا المخيم على قيم «داعش» من شأنه أن يجعل «مخيم الهول» قنبلة قابلة للانفجار فى وجوه الجميع فى أى وقت.
من جهة أخرى، يبقى «مخيم الهول» شاهد عيان حياً يرزق على كيف تمت صناعة داعش، لكن المعلومات تبقى طى الكتمان.كتمان آخر انتهى بنشر الوثائق قبل أيام هو كتمان دور بريطانيا فى عرقلة وإجهاض سعى مصر لتنفيذ أكبر مشروع لتطوير قناة السويس قبل 65 عاماً.
وبحسب الوثائق البريطانية التى انتهت سريتها حديثاً، وأشارت إليها «بى بى سى»، فإن بريطانيا حالت دون حصول مصر على قرض من البنك الدولى لتنفيذ المشروع وقتها.
وبحسب الوثائق البريطانية، قررت بريطانيا ممارسة الضغوط لمنع البنك الدولى من إقراض مصر مالاً لتمويل التطوير، «لأن ذلك سيؤدى إلى زيادة العوائد، الأمر الذى يعزز الاقتصاد المصرى».
المقال / أمينة خيرى
الوطن