هل ينهي مجلس النواب أزمة 8 ملايين شقة مغلقة؟.. "الإيجار القديم" معركة قادمة

"8 ملايين شقة مغلقة أو خالية".. هو ما خلص إليه تقرير أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، كشفت عن حجم الأزمة التي يستوجب على مجلس النواب حلها في دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الأول للبرلمان.

قانون الإيجار القديم، أو القانون "سيء السمعة"، حسب وصف المضارين منه، هو الملف الأخطر الذي سيتناوله البرلمان في مطلع أكتوبر المقبل، مطالب فيه بأن يوازن بين حقوق المضارين من القانون الذي مر على تشريعه 6 عقود مضت، والمستأجرين.

ملاك العقارات القديمة أسسوا جمعيات للدفاع عن حقوقهم أبرزها "جمعية المضارين من قانون الايجار القديم"، والتي شكلت فرق عمل للتواصل مع المسئولين ونواب البرلمان لوضع حل لهذه المأساة الممتدة منذ أكثر من 6 عقود وجمعوا توكيلات من الملاك في مختلف محافظات الجمهورية، فهل ينهي مجلس النواب الأزمة في دور الانعقاد المقبل.

المهندس مجدي بدير حجازي، نائب رئيس جمعية المضارين من قانون الإيجار القديم، قال إن عدد المضارين وصل إلى 12 مليون مالك، موضحًا أن القانون بشكله الحالي أدى إلى ارتفاع أسعار العقارات في مصر بشكل مبالغ فيه، نتيجة وجود 8 ملايين شقة مغلقة أو خالية وذلك طبقا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

حجازي أضاف في تصريحات لـ"الحكاية"، أن قانون الإيجار القديم بشكله الحالي يمثل ظلمًا كبير على ملاك العقارات القديمة بعد ارتفاع الأسعار خلال السنوات الماضية وبقاء القيمة الإيجارية كما هي بدون تغيير منذ عقود، مشيرًا إلى أن بعض العقارات والمحلات في مناطق راقية مثل مصر الجديدة والزمالك وجاردن سيتي يتم تأجيرها بجنيهات معدودة "5 او 6 جنيهات على الأكثر"، نتيجة ذلك القانون بينما يربح مستأجري تلك العقارات والمحلات الملايين.

نائب رئيس الجمعية، أضاف أن مطلبهم الرئيسي هو عودة النظام الطبيعي لخدمة السكن وهو «نظام التأجير» والذى سيعطى الحرية للأفراد لنقل محل سكنهم بالقرب من مقار عملهم.

في لجنة الإسكان والمرافق بمجلس النواب، من جهتها، أكدت أنها بصدد مناقشة تعديلات لقانون الإيجار القديم خلال دور الانعقاد الثاني، بعد مطالبات عديدة من سكان العقارات القديمة بإصدار قانون منصف يحمي حقوقهم في أملاكهم.

النائب معتز محمود، رئيس لجنة الإسكان والمرافق بمجلس النواب، قال إن اللجنة ستفتح ملف الإيجارات القديمة في بداية دور الانعقاد الثاني لمجلس النواب مطلع أكتوبر القادم، مضيفا في تصريحات لـ"الحكاية"، أن أعضاء اللجنة توافقوا على البدء في الملف على 4 مراحل متتالية بشكل يضمن تعديل قانون الإيجار القديم الحالي بشكل مناسب بما لا يؤثر على المالك أو المستأجر.

محمود أوضح أن مشروع القانون سوف يتضمن تحرير الحكومة للعقود في العقارات التي تستأجرها، وكذلك إلغاء عقود الإيجار القديم في العقارات المخصصة لأغراض غير السكن، وإلغائها فى حال ثبت امتلاك المستأجر لشقة إيجار قديم في نفس المحافظة التي يقطن بها.

وأشار رئيس لجنة الإسكان إلى أن المرحلة الثانية من تعديل القانون سوف تتضمن المحلات التجارية، يليها الوحدات السكنية التي تستخدم في غير غرضها الأصلي مثل عيادات الأطباء، أو مكاتب المحاماة، مشددًا على إنهاء العقود الخاصة بتلك الوحدات السكنية في حالة عدم استخدامها في غرضها الأصلي.

وأكد أن المرحلة الأخيرة من تعديلات القانون تتعلق بالوحدات السكنية، مؤكدًا أن لجنة الإسكان بمجلس النواب ستلجأ إلى حث أصحاب العقارات على تقديم طلب للحكومة لشراء العقار في مقابل الحصول على قطعة أرض كاملة المرافق بإحدى المدن الجديد، بدلاً من العقار وبما يعادل ثمنه.

وكشف رئيس لجنة الإسكان عن فرض تعديلات القانون تقديم إقرارات للذمة المالية الخاصة بالمستأجرين لبيان حالتهم الاجتماعية ومدى حاجتهم إلى استئجار وحدات سكنية ومحلات طبقًا لقانون الإيجارات القديمة، مشيرًا إلى أن تقديم اقرار الذمة المالية للمستأجرين عبر جهاز الكسب غير المشروع وهي الجهة المنوط بها بحث الحالة الاجتماعية للمستأجر.

رئيس لجنة الإسكان أشار أيضًا إلى أن القانون سيتضمن توريث العقار أو الوحدة السكنية في نظام الإيجار القديم لمدة مرة واحدة، على أن تعود ملكيتها إلى حكومة بعد انتهاء مدة العقد المنصوص عليها في القانون وهى 59 عامًا.

وعن تعديلات حكومة المهندس شريف إسماعيل على القانون، قال رئيس لجنة الإسكان إن اللجنة لم يعرض عليها  حتى الآن تعديلات الحكومة على القانون، كاشفًا أن الحكومة ستقدم مقترحاتها حول تعيل القانون مع بداية دور الانعقاد الثانى.

 وكشف المهندس أمين مسعود عضو لجنة الإسكان والمرافق بمجلس النواب لـ"الحكاية"، عن مناقشة القانون داخل البرلمان بعد الانتهاء من تعديل قانون البناء الموحد وفور إعداده من قبل وزارة الإسكان، مشيرا الى أن اولى بنود القانون التى سيتم تعديلها هى رفع القيمة الإيجارية وذلك لتحقيق العدالة بين الملاك والمستأجرين.

وعن التعديلات على القانون الحالي قال مسعود،  إن لجنة الإسكان قد اقترحت أن يمتد عقد الايجار القديم الى الزوجة أو الزوجة بعد وفاة أحدهما فقط ولا يمتد الى أبنائهم.

من جانبه، قال الدكتور أحمد مهران مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، قوانين الإيجار القديم قد صدرت بعد الحرب العالمية في العام 1920 والتي استمر العمل بها حتى 1924 وذلك بتثبيت القيمة الإيجارية دون زيادة وتحديد المدة نتيجة الظروف الاقتصادية التي مرت بها مصر في تلك المرحلة ثم عادت العلاقة إلى طبيعتها طبقا لأحكام القانون المدني.

 وأوضح مهران في تصريحات لـ"الحكاية"، أنه تم فرض القوانين الاستثنائية للمرة الثانية على العلاقة بين المالك والمستأجر في عام 1945 واستمرت حتى عام 1948 وتم تثبيت القيم الإيجارية دون أي زيادة وكان هذا للظروف الاقتصادية في الحرب العالمية الثانية وبعدها تم صدور القانون المدني عام 1984 وتم به تعريف عقد الإيجار في المادة 558 والتي نصت على أنه "عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين في مدة معينة بأجر معلوم"، وأصبح هذا هو القانون المنظم للعلاقة بين المالك والمستأجر.

وأشار مدير مركز القاهرة للدراسات القانونية والسياسية، إلى أن مشكلات قانون الايجارات تنحصر في قيمة الايجارات الضعيفة جدا منذ الثمانينيات، وأبدية عقد الايجار دون ميعاد محدد يتفق عليه المؤجر والمستأجر بالمخالفة للقواعد العامة فضلا عن امتداد عقد الايجار بعد وفاة المستأجر في حالات محددة نص عليها قانون الايجارات، معتبرًا أن تلك القوانين أدت إلى تحول المستأجر إلى مالك للعقار أو المحل.

واقترح مهران، رفع القيمة الإيجارية بما يتناسب مع الأجور الحالية، والحد من الحالات التي يمتد فيها عقد الايجار، مطالبًا مجلس النواب بإصدار تشريعات تضمن تطبيق تلك الحلول.

وبحسب مراقبون، فإن الاقتصاد المصري يخسر ما يقرب من 150 مليار جنيه سنويا، بسبب قانون الإيجارات القديمة، هو قيمة الإيجارات الفعلية لشقق وعمارات، يسكنها عدد من الأغنياء، في حين يقومون بتأجير شققهم وعماراتهم الحديثة بآلاف الجنيهات.

التعليقات